تطلق هذه العبارة «فرحة أم بنت» على من حلم بشيء وتمنى تحقيقه، لكن وبعد طول انتظار تحقق له شيء آخر أقل درجة في نظره مما يحلم به، أو يختلف نوعا عما تمناه وتطلع إليه، أي أن هذا الشيء جاء دون الطموح ودون المأمول، شيء قصر عن الغاية المنشودة والحلم المتوقع، وحيث إن البنات غير مفضلات وغير مرحب بهن في الثقافة العربية عموما، قديما وحاضرا إلى حد ما، أطلقت هذه المقولة الجاهلية التي أعدها متحيزة وغير مناسبة، بل إنها مقولة غير موفقة، مقولة جانبها الصواب وفيها الكثير من التحيز والجهل والتجني على البنات التي أثبتت الشدائد والإحن أنهن الأكثر ودا ورحمة، والأصدق تضحية وبرا، والألين جانبا وعطفا، والأقرب إلى الأهل والوالدين من البنين وبدرجة لا مجال فيها للمقارنة بين البنين والبنات، التفوق لصالح البنات بطبيعة الحال.
إن أي جهد يقوم به أي مواطن، مهما كان نوع هذا الجهد وحجمه ومجاله، ومهما كان مستواه وقيمته، شركة كبيرة أم مؤسسة صغيرة، المهم أنه جهد يهدف إلى دفع عجلة التنمية والمساهمة الفاعلة فيها، يعد جهدا مشكورا مأجورا، يشكر صاحبه ويؤجر، لأنه رفع عن كاهل الدولة بعضا من أعبائها، وتحمل بوعي ووطنية مسؤولية المشاركة في توظيف قدراته المالية والعقلية والإدارية في التنمية المجتمعية، وفتح فرصا وظيفية منتجة للمؤهلين من أبناء الوطن، هذا الجهد يسهم في بناء نماذج للنجاح والعطاء، والشواهد في الدول التي تعاملت بإيجابية مع القطاع الخاص تؤكد أن مؤسسات القطاع الخاص أثبتت جدواها، وأن إسهاماتها في مجال التنمية فرضت نفسها، وصارت مضرب المثل في النجاح والتفوق والإتقان.
ومما يزيد من حماسة المستثمرين في القطاع الخاص والتوسع في أوجه نشاطه ويشجعهم ويدفعهم إلى بذل المزيد والمزيد، أهمية التعرف على واقع هذا القطاع، وتلمس حاجاته ومتطلباته، وتفهم معوقات نموه والتوسع فيه، وتوفير السبل المساعدة على نجاحه، وتسهيل الإجراءات وتبسيطها، وتتبع العقبات ومعالجتها، ومعرفة المعوقات وتجسيرها، والسعي في تذليل كل أوجه العوق وإصلاحها، وليس بخاف أنه كلما توسعت أوجه نشاط القطاع الخاص وتنوعت، كلما انعكس إيجابا على المؤشر العام للاقتصاد الوطني، وزاد من فرص نمائه وازدهاره وتوسعه، فالقطاع الخاص أحد أهم أوجه التنمية المجتمعية التي يجب أن تتاح له كل الفرص الممكنة وتشجيعها، فهو الأحرى بأن يقود عمليات التطوير والتجديد لما يتميز به من قدرة مالية ومرونة إدارية.
والتعليم الأهلي يعد أحد مجالات التنمية التي يوجد فيها الكثير من فرص التوظيف، وهو مجال يجب التوسع فيه وتشجيعه، وتذليل العقبات التي تعوق مسيرته وانتشاره، لكونه أحد المخارج الرئيسة لتقليل أعباء الإنفاق الحكومي المتنامي على التعليم، وهو إنفاق أجزم أن الدولة لن تستطيع الوفاء بمتطلباته إن استمر على وتيرة التنامي في معدلات الإنفاق، فالمستلزمات التعليمية والمكتبية الكثيرة والمتنوعة التي يجب توفيرها في المدارس يتعذر ملاحقتها والوفاء بها كما ونوعا، حتى ولو بحدودها الدنيا، لأنها كثيرة التبدل والتغير، فالبيئة التعليمية مازالت بحاجة إلى الكثير من المال لتوفير المستلزمات التي تجعل بيئة المدرسة بيئة جاذبة مشوقة، وتجعل العملية التعلمية عملية محفزة مثيرة تشجع على التعلم والتفوق فيه.
واستبشر المستثمرون في قطاع التعليم الأهلي وفرحوا بالموافقة السامية على التوصيات المتعلقة بتشجيع مشاركة القطاع الأهلي في قطاع التعليم العام في المملكة، لأن هذه الموافقة السامية الكريمة تعكس الإيمان بالدور الذي يفترض أن يقوم به القطاع الأهلي باعتباره الشريك الرئيس في تحمل المسؤولية المجتمعية تجاه التعليم استثمارا وتطويرا.
وكانت فرحة المستثمرين في التعليم الأهلي بالموافقة السامية على التوصيات مثل فرحة أم البنت، لأنه مضى ثمانية أشهر على الموافقة على التوصيات، والمستثمرون في التعليم الأهلي لم يطلعوا عليها بصفة رسمية، بل وصلت إليهم بعد أن عممت من قبل أجهزة حكومية غير وزارة التربية والتعليم التي مازالت تحتفظ بالتوصيات وتعمل عليها منفردة دون تنسيق أو مشاركة من المستثمرين الذين تعد مشاركتهم ضرورية للتفعيل والتسريع والنجاح في تحقيق الغاية من تلك التوصيات.