هل تـُجدي اليوم الإضاءة على فداحة الخسائر الكبرى، التي تنكَبُ بها الشعوب الإيرانية، جراء تفكـّك الدولة واهترائها واستضعافها، خصوصا في مرحلة تسير هذه الإيران، دولة وشعوبا، على خيط واهٍ مشدود من أزمات إقليمية،
يصطنعها نظام ولاية الفقيه بتفاهم مصلحي مشترك، غير مكتوب، مع إسرائيل، رغم أن الانقسامات السياسية والمذهبية، بين شعوب إيران نفسها، تعمـّقت إلى حدود الانشطار، كما وصلت الشخصانية والزبائنية والمافيوية بين فرقاء النظام، إلى مستويات جنونية، ما يستدعي اللجوء إلى مُحللين نفسانيين قبل المُحللين السياسيين؟.
محمود أحمدي نجاد يقول للشعوب الإيرانية (فرس وأكراد وتركمان وبلوش وأرمن وعرب وبهائيون ومندائيون وزرادشتيون ويارسانيون ويهود): لا تعتمدوا على مداخيل النفط، التي تُشكّل 85 بالمائة من الدخل القومي.
في تقرير أوروبي رصد حال إيران، حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي 2012م، قال: انخفضت مرتبة إيران إلى الرقم 96 في مؤشر التنمية البشرية العالمي. ارتفعت قيمة ديونها الخارجية إلى 2.5 مليار دولار. ارتفعت قيمة الدولار من 1.500. ريال إيراني إلى 21 ألفا. بلغ معدل التضخم 21 بالمائة. الإيرانيون يصرخون بأنه حتى الفواكه والدجاج تحوّلت إلى مواد كمالية فاخرة لا تصل إلى موائد معظم الإيرانيين. ارتفع سعر الخبز 16 ضعفا. يشكو جنود وضباط الحرس الثوري من أن أكثر من ثلاثة شهور تمضي دون أن يستلموا رواتبهم.
ثم يلتفت نجاد هذا إلى المجتمع الدولي، الذي حظـر استيراد النفط الإيراني (تتكبد إيران من هذا الحظر خسائر بقيمة 63 مليون دولار يوميا)، ليقول له: إن هذا الحظر عمل وقح وجهل سياسي. في الوقت الذي تستورد إيران البنزين من الهند ودول أخرى، نظرا لتوقّف جميع مصافيها عن العمل.
إمامهم ومرشدهم علي الخامنئي تدخـّل فاعترف، علانية، بما تعانيه الشعوب الإيرانية من كوارث ونكبات، اقتصادية وحياتية، حاضرا ومستقبلا، فطالب ببناء ما أسماه “الاقتصاد المُقاوم المُمانع”، على نسق شعارات “المُقاومة والمُمانعة”، التي يرفعها نظام الأسد في سورية، منذ أربعين عاما، لم يُطلق خلالها رصاصة “مُقاومة” واحدة على العدو الإسرائيلي، بل بادر، منذ أسبوعين، إلى إجلاء القوات السورية عن الجبهة السورية في الجولان مع العدو الذي أُنشئ الجيش السوري لمحاربته، ونقلها إلى دمشق وحلب، بعدما تبين لهذا النظام “المُقاوم المُمانع” أن “جدوى” بقائه ليست في محاربة سيده الإسرائيلي بل في محاربة الشعب السوري الثائر.
كاتب إيراني يُدعى محمد صادق الحسيني، من أتباع مرشدهم وإمامهم، قال إن المُقاومين المُمانعين التابعين للحرس الثوري و”حزب الله” اللبناني، “الذين تصل قدراتهم إلى خليج عدن وباب المندب على تخوم البحر الأحمر، أصبحوا جاهزين ومستعدين للوصول إلى مياه الأطلسي”؟!
آخر نكتة أطلقها محمد صادق الحسيني، صوتُ علي الخامنئي، هي أن تحرير مدينة حلب السورية من “عصابات الصهاينة الأمريكيين في حربهم الكونية على سورية المُقاومة المُمانعة”، يبدأ من القطيف (!؟) ويمرّ بالأناضول!!
لا أُريد الغوص، في تحليل سياسي أو نفساني، لواقع النظام الإيراني، المتخبط بالتناقضات والعبثيات والأزمات التي تلفـّه في جذوره، لكني أميل إلى الاعتقاد بأن إيران ليست مقبلة، حتى نهاية العام 2012م، على حرب أهلية ساخنة، رغم أنها تتقافز على صفيح من النار الملتهبة، وضعها حكامها على الفالق الأكثر خطرا في خط الزلازل الإقليمي والدولي. دبلوماسيون إيرانيون يؤكدون بأنه مع بداية العام 2013م، ستنطلق ثورة الخبز العارمة في إيران.
ما الفرق بين العداء الذي تكنّه وتُصرّح به إسرائيل ضد الشعوب العربية والإسلامية، وبين العداء الصارخ الذي يُعلنه ويعمل به نظام ولاية الفقيه في طهران:
إسرائيل تغتصب الأرض العربية، وتبني مزيدا من المستوطنات، وتعمل على تفتيت الدول العربية وتقسيمها، كما تفعل الآن في سورية.
النظام الإيراني يغتصب الجزر الإمارتية الثلاث ويُهدد، يوميا، باحتلال أراضي دول شبه الجزيرة العربية والخليج العربي، ويعمل على تفتيت سورية وإنهاك قواتها المسلحة، لمصلحة سلام إسرائيل واستقرارها، ويُشارك مع حزب ولاية الفقيه في لبنان بسفك دماء الشعب السوري، ويزرع بين أطيافه، بحقد دفين، الاحتقانات المذهبية والطائفية.
ما تأكّد من أن مَنْ يُدعى (نمر النمر) هو مختل عقليا، ومُثير للفتنة، ومشكوك في علمه، مُطابق لحال ملالي طهران، الذين أُلحّ عليهم بتتبّع تكوين نظامهم، الذي أنتج ويُنتج مسوخا، نسوا أهداف الوجود، وحوّلوا الإسلام، القائم على مبدأ الحياة ومفهوم النعيم، سباقا محموما نحو الموت والجحيم.
Zuhdi.alfateh@gmail.com