قد لا تكون (التعليمات المعتادة) التي تنظم العمل الثقافي والفني في البلاد الصادرة من الجهات الرسمية تنطبق تماما على (جمعية الثقافة والفنون) ذلك الصرح الثقافي المهيب الذي مضى على ولادته 40 سنة، هذا العمر الطويل، وهذه المنجزات الكبرى، وأولئك الرجال الأفذاذ الذين خدموا الثقافة وما زالوا يعملون، لا مجال - بكل منظومتها الفنية والبشرية - أن نقارنها بجهات فنية وثقافية تجارية أو خيرية جديدة عليها أن تنفذ (التعليمات المعتادة) بكل دقة جمعية الثقافة والفنون بكيانها الموثوق كفيلة بأن تدير (ذاتها) لأنها تعرف جيدا هذه التعليمات وتعرف أن (الأمن الثقافي والفني والفكري) هو أحد مهماتها الكبرى، وأنها هي (مصدر هذه التعليمات) وهي الجهة الافتراضية لمتابعة التعليمات سواء كجهة استشارية للجهات الأمنية أو كجهة متابعة لأي اختراقات تحدث في المجال الثقافي والفني.
جمعية الثقافة والفنون برجالاتها وفنانيها ومثقفيها قادرة على أن تفتح مساحة كبيرة للعمل الفني والثقافي وتسهل مهمة الأمسيات والمعارض والاحتفالات والمهرجانات والملتقيات بإجراءات إدارية سهلة وسريعة وسلسلة وإبداعية تخدم الوجه الحضاري لبلادنا وتسوق لإبداعات الإنسان السعودي وسط أجواء من الثقة والتميز.
وفي الجانب الآخر، ربما لا يوجد مبرر واضح لتحميل مركز الملك فهد الثقافي تبعات مخالفات (التعليمات المعتادة) باعتبارها جهة مستضيفة فحسب، يقدم التسهيلات الفنية والإدارية اللازمة، وتحميله هذه المهمة يجعله في موقف حرج مع الجهات التي تعده أحد صروح الثقافة في البلاد، لأنه سيتحول من جهة (مستضيفة) إلى جهة (رقابية) يدخله في وجهات نظر متباينة هو في غنى عنها.
فعندما تقدم جمعية الثقافة والفنون (عملا ثقافيا) في مركز الملك فهد الثقافي وهما جهتان اعتباريتان في الدولة، وأحد أركان الثقافة في البلاد، فإن (التعليمات المعتادة) ستكون سببا في نشوء وجهات نظر متباينة قد تؤثر على النشاط، في حين لو أعطيت الثقة لهاتين الجهتين فإنهما سيتحملان دورهما الوطني على أكمل وجه ولا مجال للمزايدة في ذلك، فقادة العمل الثقافي في هاتين الجهتين يعرفون حدود (التعليمات) فهم أكثر قربا للحراك الثقافي وأكثر معرفة بالتحولات التي طرأت عليه بفعل قنوات التواصل الاجتماعي وأكثر حبا للوطن.
فلا يمنع من أن تعاد صياغة (التعليمات) التي تنظم العمل الثقافي والفني بما يتوافق مع العصر عبر جهات معروفة ذات صفة اعتبارية مثل جمعية الثقافة والفنون التي ستحتفل بيوبيلها الماسي قريبا.
nlp1975@gmail.com