قُتل يوم أمس أحد كوادر «حزب الله» الفاعلين في قمع الشعب السوري مساندة لقوات بشار الأسد وشبيحته، وحسب جريدة «إيلاف» الإلكترونية فإن: (القائد التنظيمي لعمليات «حزب الله» داخل سورية، علي حسين ناصيف الملقب بـ»أبو عباس»، قُتل بعبوة زرعها الجيش الحر في القصير، وتم تشييعه بحضور قيادات كبيرة في الحزب، الذي نعاه ببيان جاء فيه أنه «قُتل خلال قيامه بواجبه الجهادي»..). المُلفت في نعي حزب الله أنه اعتبر مقتل أحد كوادره القياديين في سوريا سببه (قيامه) بواجبه الجهادي!؛ فهل أصبح قتل الشعب السوري وإبادته في قواميس حزب الله واجباً جهادياً؟
حزب الله إضافة إلى قوات من فيلق (القدس) التابع للحرس الثوري الإيراني تُقاتل مساندة للأسد ضد شعبه؛ وكما تؤكد التقارير الإخبارية المتواترة فإن بقاء الأسد طوال هذه المدة، وبقاء اقتصاده متماسكاً رغم مصاريف الحرب الباهظة وتبعاتها، ليس فقط بسبب الدعم السياسي واللوجستي الروسي، وإنما بسبب الدعم المالي والسياسي واللوجستي بالعتاد والرجال الذي يلقاه من إيران وحزب الله، وفي تقديري أن الدعم الإيراني بالنسبة لنظام الأسد يأتي من حيث الأهمية قبل الدعم الروسي؛ وهذا ما يؤكد أن الشعب السوري الذي ثار على الأسد لا يُقاتل جيش النظام فحسب، وإنما يُقاتل إيران وعملاء إيران وكذلك كتلة من الحسابات الإقليمية والعالمية في هذه المنطقة الملتهبة من العالم؛ كما أن إيران ليست فقط جزءاً من المشكلة، وإنما رأس الأفعى من القضية برمتها.
والسؤال الذي يفرضه السياق: على أي أساس اعتبر الرئيس المصري مرسي أن إيران جزء من الحل وليست جزءاً من المشكلة كما صرَّح مؤخراً والقضية بهذا الوضوح؟
السبب أن كل فريق من هؤلاء وغيرهم له أهداف وغايات ومصالح يحاول من خلال شلال الدم السوري أن ينفذها؛ هذا فضلاً عن أن علاقة إيران بالإخوان المسلمين تاريخية، والرئيس مرسي على ما يبدو يحاول أن يُبقي علاقاته مع دولة العمائم الإيرانية قائمة؛ فهو من جهة يُطالب الرئيس السوري بالتنحي ويلح في ذلك، ومن جهة أخرى يُحاول أن يُرضي إيران بإقحامها (كطرف) في حل المشكلة السورية، غير أن الواقع يقول إن إيران هي أساس المشكلة، والأسد يُنفذ بالمسطرة طموحات إيران الإقليمية لأن تصبح دولة يمتد نفوذها من وسط آسيا إلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط، وقد استثمرت إيران منذ الخميني لتحقيق هذا الطموح كثيراً من الأموال والجهود على مدى أكثر ثلاثة عقود، وحزب الله في إيران ليس إلا رأس حربة متقدمة من هذا الطموح، ولا قيمة له إذا تمَّ فصل الرأس عن بقية الطموح الإيراني بإسقاط نظام الأسد وعزل حزب الله في لبنان، أو إسقاط المالكي وتحرير العراق من التسلط الإيراني، وعودة العراق دولة مستقلة يصنع العراقيون وليس الإيرانيون قراراتها.
هل غابت عن مرسي هذه الحقيقة؟.. لا أعتقد ولكن هناك حسابات تكتيكية وربما إستراتيجية إقليمية جعلت من مصلحة النظام المصري الجديد إبقاء شعرة معاوية قائمة مع الإيرانيين وكذلك مع حزب الله المتحكم بسلاحه في لبنان والذي تربط كبار قياداته في عهده الجديد علاقة وطيدة مع قيادات حزب الله.
إلى اللقاء.