بادرتني طفلتي الصغيرة قائلة: (بابا.. في سيارتك شيء حلو)، صمتت برهة وواصلت كلماتها قائلة: (علم المملكة يا بابا.. والله حلو يا بابا العلم السعودي.. ويا ليت تضع مثله في غرفتي..)، ودائما خلال سيرنا في شوارع مدينة الرياض تبحث طفلتي عن العلم مرتفعا في السماء وعندما تراه تشير إليه بكل بهجة وسرور (بابا.. العلم.. العلم..).. ولقد كان شوقها للعلم مناسبة لي في سرد موجز لها عن تاريخ المملكة ومكانة العلم.. ولقد تعودت بكل فخر واعتزاز وضع علم المملكة في مكان مميز في منزلي أيضا.. وكنت خلال دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية أحرص على أن أضعه مطلا من نافذة منزلي وكذلك إهدائه في المناسبات إلى أساتذتي وأقراني.
إن الانتماء يبدأ اكتسابه منذ السنوات الأولى في عمر الطفل، أولا إلى الأم ثم الأسرة والمجتمع والمدرسة ويتبع ذلك الانتماء للوطن. ولا شك هناك مكسبات للانتماء ومنها التعليم والرسائل الإيجابية والمشرقة التي يرسمها الأهل عن الوطن ورموز الوطن. وتلعب القصص والحكايات والإعلام دورا كبيرا في تنمية الانتماء وفي ربط الطفل بوطنه منذ السنوات الأولى في حياته. إن نقص الانتماء لدى الإنسان في المراحل الأولى من حياته هو مصدر لكل ما يمكن أن يتعرض له المجتمع من سلبيات سلوكية.. وخلال العقود الماضية، كان رأسمال المملكة هو المواطن السعودي الذي تسلح بالعلم والانتماء للوطن إلى جانب تميزه بسلوك حضاري وإنساني في هذا البلد الآمن المستقر.
صفوة القول، إن تنمية روح المواطنة والانتماء لدى أفراد المجتمع تأتي من خلال بيان وغرس خصائص المملكة العربية السعودية الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في نفوس أبنائها، وإن من نعمة الله على بلادنا أن حباها بمقومات أساسية ومرتكزات مهمة تدعو إلى الولاء والانتماء والمواطنة الصالحة، أولها قيادة حكيمة رشيدة ووطن يتميز بنعمة الأمن والاستقرار التي تميزنا عن كثير من المجتمعات المتقدمة والنامية... ولنعلم أن هذا الأمن الذي نتفيأ ظلاله ونعيش في آثاره لم يأت من فراغ، بل جاء بفضل من الله تعالى ثم بتحقيق هذه الدولة لتوحيد الله جلَّ وعلا والأخذ بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.