سؤال يدور في ذهني وأرغب في مشاركتكم لي بالإجابة عليه. نص السؤال الذي ينبعث من ذاكرتي كلما حدثت فاجعة بطلتها إحدى الخادمات هو: هل نستطيع الاستغناء عن الخادمات في بيوتنا؟ وأعيد طرح السؤال بصيغة أخرى هل يمكننا تغيير ثقافتنا السائدة حول الخدم والخادمات وضرورة وجودهم في منازلنا وبالتالي هل تلوح في الأفق بارقة أمل بأن نجد ولو بعض البيوت دون خادمات؟
سؤال يفرض واقع الحال الإجابة عليه ثم البحث عن الحلول العملية فالمجازر الرهيبة التي ارتكبتها الخادمات وأدت إلى قتل أكثر من طفل بريء تجعلنا نبحث عن حلول عاجلة، حادثة طفلة ينبع تالا لم تكن الأولى فقد سبقها حوادث ذبح وحرق وتسميم ولن تكون الأخيرة فالبيوت مليئة بالأطفال الذين تركتهم أمهاتهم العاملات ودائع عند خادمات بعضهن غير أمينات وبعضهن ليس لديهن الوازع ولا الأخلاق وبعضهن يعانين من مشكلات نفسية وأخريات يعانين من سوء المعاملة وتباطؤ الأسر في صرف مرتباتهن أو السماح لهن بالسفر أو تحقيق مطالبهن بزيادة مرتباتهن، وفي ذات السياق فإن المشاكل التي تنشأ بين ربة المنزل وخادمتها وخاصة المشاكل التي تنتهي باستخدام أسلوب عنيف كالضرب والدفع والركل والعض وجر الخادمة من شعرها أو قدمها هذه النوعية من الخلافات والاعتداء ستدفع الخادمة حتما للانتقام، قد تكون أم تالا جبرها الله في مصابها الأليم بريئة من كل الأسباب والدوافع التي ذكرتها لكنني أتحدث أيضا عن حالة تخص فئات وشرائح متنوعة في المجتمع فالموظفة المتجهة صباحا إلى عملها تترك فلذات كبدها وبقوة قلب عند الخادمة وهي لا تعرف ما تضمره من خير أو شر، وربة المنزل غير العاملة تنهج نفس السلوك والنتيجة إما أن تزهق أرواح الأطفال الأبرياء أو في الغالب ينشأ جيل يعاني فقرا عاطفيا لفقده للرعاية والسؤال والحنان في صغره فبدأ يبحث عنه لدى الآخرين عندما كبر. كنت قبل أسابيع أجلس مع عائلتي في أحد المتنزهات ومرت بجوارنا خادمة تمسك بيد طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات وفجأة أفلتت الطفلة يدها من يد الخادمة وتوجهت نحوي بسرعة هائلة اعتقادا منها أني والدها أو على أقل تقدير أمثل شخصيته في ذهنها ثم ألقت بجسدها النحيل على صدري وطوقت عنقي بيديها النحيلتين يا الله كم شعرت بكم الفقر العاطفي لديها وكم لمست مدى حاجتها للحنان حتى خنقتني العبرة ثم رفعت رأسي نحو الخادمة فسألتها عن أهل الطفلة فأشارت إليهم وكانوا يجلسون بالقرب منا منهمكين في غفلة ولا مبالاة غير حاسين بما يدور حولهم وغير سائلين عن طفلتهم وكأنها شيء من المتاع. الغريب أن الطفلة رفضت مغادرتنا وفضلت الجلوس معنا حتى ناديت على والدها ليأخذها.
من المؤكد أن هناك بيوتا بحاجة ماسة للخادمة لاعتبارات عديدة لكن ليس من اللائق ترك الأطفال عندها فإيداعهم في حضانة أكثر أمنا من تركهم عند الخادمة مهما كلف الثمن، ومن الحلول وضعهم في بيت الجد أو الجدة أو عند الأقارب.
وفي المقابل يوجد بيوت كثيرة يمثل وجود الخادمة ترفا لا أكثر أو نوع من المباهاة الاجتماعية ولمصلحة الأطفال يمكنهم الاستغناء عن الخادمة. هناك تجارب ناجحة فبعض الرجال يستغنون عن الخادمة ويعطون تكاليفها المالية للزوجة تقديرا لدورها فهل نستفيد من مثل هذه التجارب لنجد بيوتا بلا خادمات؟
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15