...معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر متّعه الله بالصحة والعافية، حتى ينتر من كنانته، ما يسدّ فراغاً في أدب الذكريات والرحلات، بين أيدي القراء الجزء السادس والعشرون الذي سماه كالعادة في هذه السلسلة: وسمٌ على أديم الزمن: لمحات من الذكريات قال عنه في المقدمة:
وهو مثل سابقه يتحدث عن حياتي الخاصة والرسمية في حقبة عملي في وزارة المعارف عام 1406 - 1407هـ وهي سنوات لها ما يميزها، فتيحة التنمية والتطور والصلة بالعالم الخارجي، وقد حافظت في هذا الجزء - كما حافظت في الأجزاء السابقة، على الصورة المتكاملة لحياتي الخاصة ولعملي، ولما يجري في المجتمع الذي يحكمني، وأتحرك في حدوده، لأني أشعر أن ما أكتبه هو تاريخ، إلى أن قال: لهذا فقد تختصر المذكرات المقبلة، ولايد لي فيها إلا ما هو رسم صادق لما المجتمع سائر فيه وفي حدوده هذا إذا لم تتوقف المذكرات (ص5-10).
والكتاب بحجمه المعتاد، وحروفه وقاعدته، يقع في 795 صفحة بفهارسه وملاحقه التي يجعلها في آخره، وهذه قد استحوذت على 133 صفحة، وسوف نقتطف من حديقته ما يتلاءم مع الحيز. وعنده في هذا تجديد وتنظيم فمثلا، يلخص حوادث كل شهر وما فيه من عمل بارز قل أو كثر، وتحدث عن شخصيات كادت تنسى عن العمري ومكتبته الزاخرة بالمخطوطات النادرة ص35 - 38، وبدايته بالبسملة في وسط الكتاب مع بعض الأحداث، ص79 إيذاناً ببداية عام 1407هـ وسقوط مكيف في بيته ص80 وأهم أحداث شهر المحرم ص94 - 104.
هذا إلى جانب أحداث مهمة، ويتحراها بعض الباحثين موثقة بتأريخها مثل حديثه عن أبي زيد الشخصية المغمورة ص166 وإعفاء معالي وزير البترول أحمد زكي يماني من العمل ص117 ثم كرره ص121 وافتتاح جسر الخليج ص140 وضرب الطائرات العراقية لحقل البترول الإيراني ص147 .
ووفاة سمو الأمير مساعد بن عبدالرحمن الذي شغل مناصب مهمة كالمالية والمظالم وديوان المراقبة وإعطاء معلومات عن سيرته وأعماله ص152 - 156 ومكتبته.
واهتمامه عن جلسة حضرها لتكريم الشيخ محمد بن عودة، الذي قد تولى وقبله والده مناصب قضائية في منطقة جازان ونوادر ما مرّ في المجالس، واقتراحه تدوين ذلك لأن ما حصل لن يمر مثله مع القضاة الجدد ص170 - 171 خاصة وأن ما يحصل في مجالس القضاء له نظائر في سير العلماء لكن لكل مكان طابعه المتميز وهو اقتراح وجيه.
تحدث في ص261 عن مزرعة الزامل في الخرج، والتي كان أصلها له، لعدم قدرته على تعميرها أهداه وما وصلت بإحيائها والبذل فيها حتى أصبحت غناء تصلها الطيور المهاجرة كمحطة لها.. وما جلبوا فيها من أسماك البلطي النادر والذي لم يعرف قبل في المملكة. (سمك البلطي).
وشغل ذلك عدة صفحات أبان فيها بأن الطيور المهاجرة، تحمل في أرجلها بيض ذلك السمك، وهذا في نظرة لكثرة تلك الأسماك، في جنوب الرياض والخرج، الذي هو من فيضان مياه المجاري إلى ص264 .
وقد أجاد في الحديث، وإبراز مكانة الرجل عبدالله الصالح الفالح، الذي قال: إنه مبرز حين دراسته، في دار التوحيد في الطائف أو الافتتاح الذي قال عنه: بأنه بزّ أساتذته وكان زميلاً له في مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة.. وأخبر أن والده صالح من عُقيلٍ الذين سافروا من عنيزة والقصيم عموماً، إلى الشام والعراق أو الخليج أو الهند، ووالده سافر إلى المملكة المصرية، وبقي فيها سنين لا تقل عن 60 سنة عاشها في المطرية في مصر قريباً من جماعته حتى شاب (ص577 - 588).
وفي هذه الإلمامة مسألتان ليت معاليه، أوضحهما بتوسع لفائدة القراء، ولأن الحديث قليل وهما قضية عُقيل وسبب التسمية وبدء حياتهم والبلدان التي يسافرون إليها ولماذا، والمسألة الثانية في التوسع في سيرة عبدالله الفالح ونماذج من قوة حفظه، وأعماله مع مدرسيه.
هذان الموضوعان لم يُشْبعا بحثاً، وفي نظري أن خير من يتصدى لهذا الأمر معاليه حيث لديه خلفيات كثيرة فيهما، ورغم أنه كتب عن الأول، إلا أن الشيخ عبدالله لم يقع نظري عما كُتب عنه، وعن حفظه الخارق، وما في هذا من نوارد عن ذاكرته، مع زملائه وأساتذته، وهل هو على قيد الحياة، أو كما قال المعري: يقتله ذكاؤه، وهذا يربط الموضوع بالحفاظ في التاريخ العربي (578).
وفي ص318 ذكر حوادث الإيرانيين وشغبهم في الحج، في السنوات السابقة فبدأوا بطلب الإذن لهم أن يقوموا بمسيرة تتجه إلى الحرم، ولكنها ستقف عند مسجد الجن، ووعدوا أن يتفرقوا هناك، ولكنهم خالفوا ذلك، إذ تبين أنهم قد بيتوا نية سيئة، وجاؤوا ومعهم سواطير وسكاكين، وزجاجات فيها بترول، وساروا وهم يهتفون إلى الحرم إلى الحرم، وأخذوا يُشعلون النيران في موتور ملكات الشرطة، حينئذ أوقفت زحفهم، قوة أطلقت النيران عليهم، فتراجعوا وداس بعضهم بعضاً، وحدث هذا بعد صلاة العصر.
ويقال إن الذي مات منهم وحدهم، 180 شخصاً، بعد أن اصطدموا بالناس مع الزحام قبل القوة الحكومية.. ونفع هذا وجاء بخير، إذ تقرر من هذا العام أن تحدد أعداد الحجاج التي تأتي من كل دولة وفيما بعد احتج الإيرانيون، بعدم المجيء لهذا السبب (320)، والذي ينبغي معرفته أن مسيرة فئة من الإيرانيين، بدأت من العزيزية من العصر يوم 7 من ذي الحجة، والتقت بمسيرة أخرى يهتفون ومعهم الأسلحة اليدوية المذكورة، وهم الذي بدأوا في التهديد والتصدي للمواطنين الخارجين من الحرم، ولم يردعهم إلا القوة، وبعد ذلك اهتمت الدولة، بأمر الحجاج، فأنشئت قوة الحج من ذلك التاريخ، وزادت التوسعة بالحرم، والإيرانيون في السجل التاريخي هم أصحاب شغب وفتنة قاتلهم الله من قديم الزمان وسجلهم أسود.
وقد أوضح في ص660 عن اللبنانيين، وحرصهم على جمع المال، فقال: في جلسة مساء يوم هو: 16-12-1410هـ ذكر معالي الدكتور رضا عبيد، أن الحديث دار عن اللبنانيين وشطارتهم ومقدرتهم على اصطياد القرش، ومهارتهم في ذلك، والطرق التي يسلكونها، لتناسب الحالة الحاضرة، ونجاحهم في هذا، وذكر أن أحد أثرياء جدة، من رجال الأعمال، دعا الدكتور الحص رئيس وزراء لبنان، إلى مأدبة عشاء قبل ليال، فجرى حديث مماثل، قال: إن الدكتور الحص واسمه سليم قال: إنه نفسه روى نكتة سمعها تمثل اللبناني خير تمثيل، فقد أعلنت إحدى الشركات في الفضاء أنها سوف تعطي جائزة سخية لمن يصعد للقمر، على إحدى رحلاتها، فتقدم عدد من الراغبين، فكان الموظف المختص، يسأل كل واحد عن المبلغ الذي يقدره، فكان جواب عدد منهم من الجنسيات المختلفة ألف دولار، ولما وصل الدور إلى اللبناني، كان تقديره 3000 فقط، فسأله المختص عن سبب اختلافه عنهم في التقدير؟ قال: إنه يريد ألفا للموظف نفسه، وألفاً لمن سوف يصعد بدلا عنه، وألفا له هو (661).
والكتاب جيد وممتع وأجاد فيه المؤلف.. وأكثر ما فيه أشعار وعلاقات أخوية وأسرية.
وإذا وصلنا إلى القسم الثاني، من هذا الكتاب، وهو الوثائق والصور والذي يبدأ من ص662 بتركيب هاتفين بموجب خطاب وزير البرق والبريد والهاتف عبدالوهاب أحمد عبدالواسع، وعلق معالي الدكتور يقول: أين نحن الآن من هذه المرحلة: المسؤولون عن التليفون يركضون لاهثين أن يأخذ الزبون شريحتين أو الفا.. عبدالعزيز صورة، علق بهذا على صورة له من وزير البرق والبريد والهاتف، مرسل أصلها إلى مدير منطقة الرياض للاتصالات. (662). ولم يربط لك بالمكانة، أما المواطن العادي فبالعكس يعاني ما الله به عليم للهاتف تلاها صورة من رخصة القيادة ورقمها 141863 وفي الصفحة بعدها باسمه وصورته وعنوانه في مكة المكرمة وفي صورة مطموس أغلبها أبيات شعرية ثلاثة للأخ موسى الكليب بتاريخ سكنى معاليه بيت حي الريان (ص665).
وبعد ذلك صفحتان بدون شيء وفي الصفحات (668 - 669 - 670 - 671 - 672) لقطات مع سمو أمير منطقة الرياض النائب سطام بن عبدالعزيز في افتتاح المعرض الدولي السادس للكتاب مساء يوم 10-4-1408ه، وفي ص674 صورة لمعاليه مع الرئيس النمساوي في زيارة للرياض 11 شعبان عام 1408هـ وفي ص675 صورة مع المستشار النمساوي في زيارته للرياض عام 1408هـ وفي ص676 مع المستشار النمساوي أثناء زيارته لدار الملك عبدالعزيز بالرياض، وفي ص677 مع سمو الأمير محمد بن فهد لدى وصوله لحفل التفوق العلمي عام 1407هـ ومع محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية في حفل جائزة الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي عام 1407هـ وهكذا تستمر الصور التذكارية، وبعدها الفهارس الثلاثة: الموضوعات والأعلام والأماكن وختم الكتاب بنبذة عن المؤلف، وما صدر للمؤلف من كتب، أعانه الله حتى يزداد عطاؤه.
mshuwaier@hotmail.com