|
صدر الجزء الرابع من كتاب (ملء السلة من ثمر المجلة)، تأليف د. عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر. ويتضمن الكتاب مقالات كان يكتبها د. الخويطر في المجلة العربية ومجلة الفيصل، ويهدف منها إلى أن تُفتح نوافذ يطل منها الناشئ على شيء من تراث فكري لأجداده ومجد ثقافي وما كان في هذا التراث من حِكم وعصير تجارب.
يقول د. الخويطر: للعطاء لذة لا يعرفها إلا من جعل الله في طبعه حب العطاء، ومَنّ عليه بفضيلة الكرم، وقد عرف في التاريخ رجال برزوا في سجلاته، وضرب بهم المثل في العطاء الجزل وأُلِّفت عنهم كتب، وأشيد بأفعالهم وبما قدموا.والكرم لا يقتصر على عطاء المال أو مد يد بالأكل أو الإمكان، لكنه يتعدى إلى الجهد الذي يكون أحياناً أغلى ثمناً عند الله وأكثر ثواباً مثل خدمة المريض تطوعاً، أو رعاية المسن تبرعاً، أو المعوق شفقة ورحمة، أو اليتيم حنوًّا وعطفاً، أو الأيم سنداً وعوناً.هذه الإضاءات في المجتمع مقدرة، يراها الناس ويقدرونها، لكن ليس بينهم من يعرف ما يدور في نفس المعطي مالاً أو جهداً، الناس لا يعرفون الوقود الذي يسيِّر هؤلاء الأفذاذ، ما هو الدافع الذي يمون هؤلاء فلا تكسل همتهم ولا يضعف عزمهم بل يزيد؟قال أبو عثمان الجاحظ: سمعت إبراهيم بن السندي بن شاهل يقول: قلتُ في ولايتَيْ الكوفة لرجل قد تناهى، وكان لا يجف لبده ولا يستريح قلبه ولا تسكن حركته في إغاثة الملهوفين.. ما الذي هون عليك كل هذا النصب؟!
فقال: سمعت تغريد الأطيار في الأسحار على الأشجار وتجاوب الأوتار والمزمار فلم اسمع أطيب من ثناء حسن على مُحسن.