الإصلاح في قطاعات الدولة مطلب الجميع، المواطن يطالب والكاتب ينقل مطالبة المواطن والمسؤول من المفترض أنه يسمع هذه المطالبات ويعمل على التفاعل معها ودراستها لتنفيذ ما يمكن تنفيذه.

الكثير من الوزارات والقطاعات الخدمية في الحكومة تنالها سهام النقد الصائب كما تنالها سهام النقد الظالم، وكذلك النقد الجاهل بمسؤوليات هذه الإدارة اوتلك, وهذا يقودني للحديث عن مصلحة الجمارك التي تناولها بعض الكتاب وبعض وسائل الإعلام بنقد في أدائها ونقد في امكانياتها، وقد رأيت بعضهم تجنى على هذا المؤسسة الهامة وذات المسؤوليات الجسيمة والخطيرة ولا أظن من كان نقده قاسياً أو جارحاً في بعض الأحيان إلا لأنه يجهل ماهو دور الجمارك الحقيقي وماهي إمكانات رجال الجمارك.

إن مصلحة الجمارك السعودية كما أسلفت وكما قلت في مقالات سابقة وفي حوارات فضائية ايضاً لم تعط الإمكانيات البشرية ولا الهيكلة الإدارية إن صحة التسمية التي تمنحها الفرصة لأداء دورها بكل اقتدار وتمكن, لقد قلت: إن من الأهمية بمكان ان تكون المصلحة مستقلة مالياً وتحويلها لهيئة من أجل تمكنها من ممارسة دورها الوطني كما يجب أن يكون، هذه نقطة في غاية الأهمية.

أما الجانب الآخر الذي يجب ان نقدره لهذه المؤسسة ورجالها هو ما يقومون به من أعمال في حفظ أمن وسلامة هذا الوطن من يد العابثين ومكائد المتربصين الذين قال عنهم الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - أنهم يستهدفون وطننا.

موظف الجمارك في كل نقاط المراقبة والمتابعة سواء في الإدارات المركزية اوفي المنافذ البرية والجوية والبحرية جنود يعملون بصمت، بل جنود يعملون ولا يقدرون من كثير من فئات المجتمع، بل إن أخطاء غيرهم تجير لهم بقدرة جاهل في الإجراءات المتخذة على الحدود تحديداً.

إن دور الكاتب والإعلامي في أي وسيلة إعلامية ليس النقد من أجل النقد فقط ولكنه النقد الموضوعي المبني على حقيقة واضحة صريحة، أما الظن والتشكيك والاحتمال فهذا لا يقوم العمل بقدر ما يشوش على هذه الجهة او تلك، من الأخطاء التي سمعتها من أحد الزملاء عندما تحدث عن إيرادات الجمارك قال أين ذهبت هذه المليارات التي أخذتموها من تحصيل الرسوم ؟ أليس الجدير بكم صرف جزء كبير منها على تطوير أعمالكم ورفع مرتبات موظفيكم ؟ وهذا جهل كبير منه, حيث إن إيرادات أي جهة حكومية لا تذهب لخزينة هذه الجهة وإنما تذهب لخزينة الدولة، وأن موظفي الجمارك مثلهم مثل أي موظف حكومي مربوط بمرتبة محددة وعلاقته الوظيفية مرتبطة بسلالم وزارة الخدمة المدنية، لذا فإن المنطق أن تكون مطالباتنا موجهة للجهة التشريعية والتنظيمية بتحويل الجمارك لهيئة مستقلة لتحسن من مرتبات موظفيها وتستطيع دفع المحفزات التي تليق بهؤلاء الجنود البواسل بحق.

إن الجمارك السعودية وهي تعمل من أجل الحفاظ على أمن وسلامة هذا الوطن تنتظر منا الدعم المعنوي اللائق بمن يعمل ويؤدي رسالته الوطنية والأخلاقية نحو مجتمعه ووطنه لا أن نكون مثبطين او مشككين او مثيرين زوابع نعلم يقيناً أن ليس بمقدور المصلحة حلها.

ما أريد أن أقوله أولاً للزملاء في كافة المنابر الإعلامية ما قاله الحق تبارك وتعالى {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ}.

وثانياً للإخوة في مصلحة الجمارك من قمة هرمها إلى ذلك الموظف الصغير حديث الالتحاق بالعمل إننا نقدر جهودكم وندرك عظم مسؤولياتكم فلكم خالص التقدير وصادق الدعاء.

والله المستعان.