سمعته يقول: «شهر ما لك راتب فيه، لا تعد أيامه ولا لياليه»..!!
مثلٌ درج الأقدمون على ترديده كناية عن معانٍ كثيرة.., منها الطلب إلى النفس، أو الآخر, عدم التدخل فيما لا يعود بفائدة..
حين يُقدر على المرء أن يكون خالي اليدين، صفر الجيب.. ويكون له أن يتطلّع في فراغ..!
فمثلوا لهذا الموقف, بالشهر الطويلة لياليه، البطيئة أيامه، ولا عائداً مادياً ينفع، ويفيد، ويسد الحاجة، ويقضي الاحتياجات لمعاش لا كد فيه، ولا رهق..
فعندئذ لِـمَ لا يُترك أمر التفكر فيما يزيد همّاً، ويضاعف كربة الانتظار..، وضيقة الفاقة، وثغرة العَوَزِ...؟؟!!
الشاهد في هذه المقولة، هو حكمة التفكُّر، وقدرة استخلاص العبرةِ عند من تحكمه المواقف، فيُحسن تدبُّرها، وتعليل النفس بما يطمئنها..
فاذهب رعاك الله إنسان الدنيا لعقلكَ، واعلم أنه منجم ثرائك..,
فالثروة حقيقةً، ليست المنقود من عملة التداول ورقاً، أو معدناً، وإن كانت لتبوء إليها مصالح الحياة،..
وإنما الثروة الأساس هي ثروة نفوس تُجبل على تعليل المواقف، بما يخفف من ثقل الحياة، ويذلل صعابها، ويمكِّن للإنسان سبل الخلاص من عبء الحاجة..
الشاهد أيضاً، هو أنّ الزمن ماضٍ لا فكاك من عبوره وإن مرق من سمِّ الخياط ، أو من بوابة مشرعة على جِـنان..!!
فالمترف يعيش، والمعوز يعيش..
والقضاء في الحياة ماض بمشيئة..
لكن على المرء أن يُعمل من أجل تمريره عقلَه, وإن كان أميّاً لا يقرأ حروف الحياة..., أو كان مُدركاً لبلاغة معانيها..!
إلا أنها مدرسة يندرج في صفوفها كل البشر، ولا محالة أنها معلمة ماهرة..
فإن أُعطي فيها، أو حُرم.., فلديه بديل..,
إن جاء في قولٍ, أرسله يستحث للموقف نفسَه..
وبه عندئذ يعلل للنفس ما تستطيب به أوقاته..!...
فالإنسان لم يُهمل البتة..
ما عاش الحياة إلاّ ليغادرها..,
عدَّ أيامها, ولياليها...
أو لم يفعل..!!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855