الأمير هذلول بن عبدالعزيز.. ليس من التجار، الذين أشغلتهم الأموال والأسهم والعقار، وليس ممن أشغلتهم التزامات العمل الحكومي. أمير يفخر بإمارته، لكنه لم يتسلط على أحد ولم يتكبر على أحد ولم يتعدى قولاً أو فعلاً على أحد، ملتزم بقيم وأخلاقيات بيت الملك عبدالعزيز. أسس منذ الثمانينات الهجرية للعمل الاجتماعي والشبابي في المملكة، وكان من الرواد الأوائل للرياضة السعودية،
من خلال رعايته لنادي الهلال.
رحل الأمير هذلول بعد معاناة مع المرض، لكن لم يرحل الخير الذي عمله، وبقيت أعماله خير شاهد على طيبة رجل أنفق على من حوله ومن قصده أكثر مما أنفقه على نفسه، فالمال في عرفه وسيلة يتقرب فيها إلى الله، ويؤكد من خلالها قيم الرجولة والكرم ومسؤولية الإنتماء لبيت مؤسس البلاد الملك عبدالعزيز.
من لم يعرف هذلول بن عبدالعزيز عن قرب خسر كثيراً، لأنه لم ير بعينيه ما يصعب وصفه، بساطة وتواضع وكرم وإيمان، وقلب رحيم، يشعر بمعاناة الآخرين ويؤلمه ألمهم، ومن شواهد شعوره بالآخرين، مساعدته لرجل فقد بصره، دخل مجلسه طالباً للعون، نظراً للتكاليف الباهظة لإجراء عملية في الخارج قد تسهم في إعادة البصر له وهو العائل الوحيد لوالديه وأبنائه، ومباشرة تكفل الأمير بتكاليف العملية، ولم يتركه بعد أن أعطاه المال، بل بقي على اتصال به طوال فترة علاجه، وكان يسأل على والديه وأسرته وتكفل بمصروفات منزله خلال علاجه، حتى عاد المريض سعيداً بعودة بصره، هذه حكاية من حكايات كثيرة لم يتحدث عنها الإعلام، فالأمير البعيد عن الأضواء، أراد العيش بعيداً عن الصخب، يخدم بلاده ومليكه ومواطنيه في صمت تفرضه شخصيته المميزة بالأدب الجم، والبساطة.
في عزاء هذلول، لم أستغرب وجود شرائح مختلفة من الناس، لم يكن مجلساً يضم النخب من الأمراء والوزراء والأعيان فحسب، بل كان جامعاً لعامة الناس فالكل اجتمعوا على حب رجل يتعامل مع الجميع بحب ولو كان ذلك على حساب نفسه وصحته، ولعل هذا يؤكد أن الراحل تعامل مع المجتمع بدون حواجز، وكان قريباً لا يرد سائلاً ولا يغلق بابه بوجه أحد.
تحدث رجل في مجلس العزاء عن أمور لم نكن نعرفها من أعمال الأمير هذلول، منها بناء عشرين مسجداً في المملكة فقط، غير تلك التي تم بنائها في الخارج، وتكفله سنوياً بوجبات غذائية في موسمي رمضان والحج في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وعن أسر وأيتام كان يرعاهم ويتكفل بمصاريفهم على مدار العام.
انشغل هذلول بن عبدالعزيز بمن حوله وبمن يثبت له احتياجهم للدعم، ولم يبخل على أحد، ولم تغب ابتسامته النقية حتى في أشد الظروف، رأيته صابراً محتسباً قوياً عندما فقد ابنته وحفيدتها بحادث أليم قبل عدة سنوات، ولم يجعل حزنه الكبير سبباً في حزن من حوله، بل حبس مشاعره وحاول التخفيف على من حوله.
وفي الفرح رأيته الأكثر فرحاً بين من حوله، يشاركهم بمشاعره في سعادة تزيد سعادتهم وتثري أفراحهم.
رحل، وبكى من حوله، وفجع من أحبوه بصدق، لكن هذه المرة لم يجد محبوه من يمسح دموعهم، ويشد من أزرهم.
رحم الله هذلول بن عبدالعزيز..
Towa55@hotmail.com@altowayan