|
بقلم أفيفا ويتنبرغ - فوكس:
خلال التجول في المناطق اليونانية الخلابة الغافية في دفء الشمس، من الصعب تخيل مدى صعوبة المخاض الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. ومع أن المنتجعات تعج بالحركة، توجه إلى أي مدينة وستجد عدداً غير سليم من المتاجر المقفلة. لذا عندما تطلب مني شركات كبيرة متعددة الجنسيات تسهيل الحوارات الاستراتيجية مع فرقها الإدارية اليونانية بخصوص التطرق إلى مسألة التوازن بين الجنسين في مجال العمل، باستطاعتي مسامحة اليونانيين على شعورهم ببعض الارتباك، نظراً إلى الظروف المحيطة بهم. فالمجتمع اليوناني يبقى تقليدياً إلى حد ما، ودور كل جنس مختلف عن دور الآخر. ويعتبر الكثير من الرجال في مواقع القيادة أن القضايا الجناسية في مجال العمل موضوعٌ جديد. وهم ليسوا معتادين على البيانات التالية: ازدياد نفوذ المرأة في المجالين الاقتصادي والتربوي، وهبوط معدلات الولادة في الدول التي لا تساعد الأهل على إرساء توازن بين الحياة المهنية والحياة العائلية، وتفوق الشركات الأكثر توازناً بين الجنسين من حيث الأداء المالي.
تختلف ردود الفعل على العروض التي أقدمها. فبعض الفرق يصغي بصمت عميق، والبعض الآخر يتفاعل بعاطفة، وحتى بغضب، مبدياً عدم موافقته على البيانات أو معي. لكن في نهاية المطاف، ومن خلال الحوار والنقاش يكشف كل واحد من أعضاء الفرق عن سلوكه الشخصي حيال التغيير والإدارة والمرأة.
يبدأ الأعضاء عادةً بتبرير غياب المرأة عن مواقع القيادة بالإشارة إلى قرارها بالإنجاب. لكن في نهاية الأمر غالباً ما يقر هؤلاء الرجال بوجود أسباب جوهرية أكثر، تشتمل عادةً على:
- عقليات متحيزة في ما يتعلق بالإدارة.
- ثقافة مهنية متشددة، من حيث أنماط العمل وممارسات الترقية على حد سواء.
- غياب التعاقب على المناصب العليا.
وتشكل تلك المسألة الأخيرة المشكلة الكبيرة التي يتم تجاهلها. ومن المستبعد أن تتم ترقية هؤلاء الرجال ذاتهم، وهم لا يعتزمون التخلي عن وظائف ثابتة في الاقتصاد اليوناني. فمن سيحث على تعزيز التوازن بين الجنسين، في ظل الظروف الراهنة؟
قد يُصار إلى التأكيد على أن حالات الركود تشكل فرصاً رائعة للتركيز على التوازن بين الجنسين. فمع توفر مواهب جيدة بكلفة مقبولة، من المفترض على الشركات استغلال تلك السنوات القاسية لتخفيف التراتبية وزيادة الإنتاجية إلى أقصى درجاتها، من خلال طرح خيارات العمل الجزئي وتقاسم العمل التي يمكن للمرأة اللجوء إليها، وذلك من أجل ضمان امتلاك تلك الشركات مجموعة مواهب للمستقبل، تتسم بالوفاء والمعرفة.
إلا أن ذلك قد يتطلب المزيد من الانفتاح والإبداع من قبل الرجال في السلطة. ومن هذه الناحية، ما زالت الطريق طويلة أمامهم. فتكثر الشركات التي تصب تركيزها على تهيئة المرأة لتولي أدوار القيادة والعمل على مقاييس أداء وأهداف طموحة. بيد أن التحدي الفوري يكمن في تهيئة الغالبية الذكورية على قيادة هذا التغيير - والعيش معه.
(أفيفا ويتنبرغ-فوكس هي الرئيسة التنفيذية لشركة «20-فيرست» الاستشارية العالمية الرائدة المعنية بالمسائل الجناسية، ومؤلفة كتاب «كيف أصبحت المرأة في قلب الأعمال»)
© Harvard business School publishing corp. Distributed by the new york times syndicate.