|
لا شك أن الطب والعلم الحديث فتح المجال أمام الكثير من الآمال والأحلام للقضاء على العديد من الأمراض الخطيرة لا سيما الأورام، إذ تشير الدراسات إلى إمكانية تجنب الإصابة بسرطان الثدي إذا ما التزمت المرأة بالتوصيات الطبية المتمثلة في إجراء الفحص الذاتي شهرياً، إضافة إلى الزيارة الدورية للطبيب لإجراء الفحص السريري.
فيما لا يزال فحص الماموجرام متربعاً على صدارة أهم الفحوصات الطبية المتخصصة والدقيقة للكشف المبكر عن سرطان الثدي.
في هذا التحقيق الذي أجريناه مع أطباء مجموعة د. سليمان الحبيب الطبية التي تقدم برنامجاً متخصصاً للكشف المبكر عن سرطان الثدي سنرصد أبعاد هذا المرض بداية من الكشف المبكر ودوره مروراً بطرق العلاج في حال الإصابة وانتهاءً بجراحات التجميل لإعادة بناء الصدر.
***
حقائق هامة عن سرطان الثدي
كشفت الإحصاءات والدراسات الصادرة عن السجل الوطني للأورام عام 2007 أن هناك 1259 حالة إصابة بسرطان الثدي من بين 4773 حالة أي ما يعادل 26 % من إجمالي سرطان النساء، كذلك فقد كشفت إحصائية طبية حديثة أنه يتم تشخيص امرأة كل دقيقتين مصابة بالسرطان، وأن هناك حالة وفاة كل 13 دقيقة بسبب هذا المرض على مستوى العالم.
كما بينت الإحصائية أن سرطان الثدي من أكثر أنواع الأورام شيوعاً بين النساء، ونسبته بين النساء المصابات بأنواع السرطان الأخرى واحدة من ثلاث مصابات، وأن احتمال إصابة المرأة بالسرطان خلال حياتها يصل إلى واحدة من سبع نساء، واحتمالية الوفاة منه واحدة من 33 امرأة.
ثلثا الحالات تُراجع الطبيب في مرحلة متقدمة
كذلك فقد كشفت وزارة الصحة مؤخراً عن أن هناك ما يُقارب ثلثي حالات الإصابة بسرطان الثدي تقوم بمراجعة الطبيب في مراحل متقدمة من المرض، وهو ما يرجعه كثير من الأطباء إلى أن هذا المرض ليس له أعراض واضحة في بدايته.
الأورام غير مصحوبة بألم
سرطان الثدي هو نمو غير منضبط وغير طبيعي مع تكاثر الخلايا غير المكتملة النمو في أنسجة الثدي مع انتشار تلك الخلايا عن طريق مجرى الدم أو الأوعية اللمفاوية.. ومن غير المعروف ما هي الأسباب الحقيقية لهذا المرض فقد تكون التقدم بالسن أو الوراثة أو غيرها.
مراحل متفاوتة
يبدأ السرطان في الغدد أو القنوات الحليبية وإذا اكتشف المرض في هذه المرحلة يتم علاجه والشفاء منه تماماً ثم ينتقل من المرحلة الأولى إلى أجزاء الثدي المجاورة ثم إلى الغدد اللمفاوية ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل الرئتين والكبد والعظام، والسبب الرئيسي للإصابة بسرطان الثدي لها غير معروف حتى الآن ولكن يمكن أن تتدخل عدة عوامل في ذلك ومنها العامل الوراثي والبيئي والغذائي والهرموني.
إنذارات أولية خطرة
تكمن أهمية الكشف المبكر عن أورام الثدي لأنه لا توجد أي أعراض في البداية، ثم تبدأ متمثلة في وجود كتلة أو ورم في الثدي ويجب عدم الاستهانة بحجمها مهما صغر، انتفاخ في جزء من الثدي، تهيج جلد الثدي، ألم بالحلمة أو رجوعها لداخل الثدي، احمرار وتقشر الحلمة أو الجلد، إفرازات من الحلمة وبخاصة الإفرازات الدموية وكذلك تورم تحت الإبط.
برنامج الكشف المبكر لدى د. سليمان الحبيب
كما أكدت كثير من التوصيات الطبية فيما يتصل بمكافحة سرطان الثدي على ضرورة إجراء فحص الماموجرام بشكل روتيني للكشف المبكر وتجنب الكثير من المشكلات الناتجة عن الإصابة فقد وفرت مجموعة د.سليمان الحبيب الطبية برنامجاً متخصصاً للكشف المبكر عن أورام الثدي يشمل فحص الماموجرام والأشعة الصوتية وزيارة طبيبة متخصصة.
طرق تشخيصية
ويمكن تشخيص أورام الثدي بعدة طرق تبدأ بأخذ التاريخ المرضي والسيرة الذاتية ثم الكشف السريري الذي يحدد به الطبيب الكتل الموجودة في الثدي ولمعرفتها من حيث الحجم والملمس وحركتها، وبالنسبة للأشعة فتتم حسب عمر المريضة.
دقة عالية في الكشف
والماموجرام هو فحص الثدي عن طريق الأشعة السينية ذات الطاقة المنخفضة للحصول على صورة في منتهى الدقة والوضوح لتشخيص أورام الثدي مهما صغر حجمها وتُعتبر الطريقة المثالية لاكتشاف المرض قبل ظهور بوادره أو أعراضه بسنوات عديدة قد تصل إلى ثلاث سنوات، وهو فحص لا يستغرق وقتاً علاوة على أنه آمن.
الـ MRI لتحديد مراحل المرض
أما فحص الرنين المغناطيسي للثدي فلا يستبدل كلياً فحص الماموجرام أو الالتراساوند ولكنه ضروري جداً، حيث يساعد الأول بطريقة في غاية الدقة لاكتشاف المرض ثم تحديد مراحل سرطان الثدي مهما صغر حجمه، ويعطي الرنين المغناطيسي تقييماً واضحاً ودقيقاً للأمراض التي اكتشفها الماموجرام ويجرى الفحص من دون ألم وبدون تداخلات جراحية وبطريقة آمنة جداً.
فحص خلايا الورم بالعينة الجراحية
كما أن هناك فحصاً يتم بواسطة الإبرة ويجرى هذا الفحص بواسطة إبرة دقيقة لإزالة جزء من النسيج المشتبه فيه أنه ورم ويتم إرسال هذا النسيج إلى المعمل لفحص الخلايا.. وفي بعض الحالات قد تكون الحاجة لأخذ عينة جراحية, حيث يقوم الجراح باستئصال جزء أو كل الورم ويرسله إلى المعمل لفحص الخلايا والأنسجة لتحديد نوع السرطان ومدى انتشاره.
الاستئصال لم يعد هو القاعدة
ننتقل لمرحلة العلاج في حالة لا قدر الله الإصابة إذ إن الخوف عند السيدات يكون عادة من التدخل الجراحي واستئصال الثدي وفقدان عضو هو عنوان الأنوثة عند المرأة، والحقيقة أن استئصال الثدي لم يعد هو القاعدة، والتقنيات الحديثة تعمل على استئصال الورم فقط، لكن لكل حالة وضعها الخاص بها.
طريقة العلاج حسب الحالة
حيث يعتمد العلاج أساساً على حجم ومكان الورم في الثدي وعلى نتائج الأبحاث المعملية ودرجة الورم نفسه وكذلك على سن السيدة وصحتها العامة وهل الغدد الليمفاوية تحت الإبط أصبحت محسوسة أم لا وكذلك على حجم الثدي ودرجة انتشار الورم.
تدمير الخلايا السرطانية
تتدرج وسائل المعالجة من العلاج الموضعي ويشمل الجراحة والعلاج الإشعاعي ويستعمل لإزالة وتدمير الخلايا السرطانية في منطقة محددة من الثدي.. وهناك العلاج الشامل ويضم العلاج الكيمائي والعلاج الهرموني والمناعي والبيولوجي ويمكن أن تخضع السيدة لنوع واحد من العلاج أو لأكثر.
معالجة المراحل المتقدمة من المرض
وهناك ثلاث طرق جراحية للاستئصال أولاً الاستئصال الكامل للورم مع الاحتفاظ بالثدي، ثانياً استئصال الثدي المصاب كاملاً، ثالثاً استئصال كامل الثدي وتنظيف الإبط من كل الغدد اللمفاوية، كما أن استئصال الغدد اللمفاوية مهم جداً إذ يحدد ما إذا كانت المصابة ستحتاج إلى علاج إضافي كيماوياً كان أو إشعاعياً وبخاصة إذا ما انتشر السرطان إليها.. كذلك فإن احتواء أكثر من 3 غدد لمفاوية لخلايا سرطانية عند تحليلها نسيجياً يعني وجوب العلاج الكيميائي والاحتمال الإشعاعي.. وهنا ننصح بسرعة مراجعة الطبيب في حالة وجود كتلة ثديية في بدايتها، حيث إن التشخيص والعلاج المبكر يعطي فرصة عالية جداً لإزالة الورم قبل انتشاره وعدم الحاجة إلى إزالة الثدي بالكامل.
الجراحات التجميلية
ننتقل هنا بالحديث إلى ما بعد العلاج فعادة ما تمر السيدة التي تم استئصال ثديها بحالات نفسية وانفعالية متعددة، ففي البداية تشعر بالسعادة لأنها تجاوزت مرحلة الخطر باستئصال المرض ولكن بعد الشفاء والعودة إلى حياتها الطبيعية تجد أنه من الصعب تقبل هذا الشكل والمقابل الذي دفعته نتيجة الإصابة والحرمان من هذا الجزء المهم من جسمها والذي يُعتبر رمزاً للأنوثة.
إعادة بناء الثدي
وهنا تكمن أهمية الجراحات التجميلية إذ تحافظ عملية إعادة بناء الثدي على المظهر الأنثوي للمرأة من خلال التماثل بين الثديين مما يعيد الشعور بالثقة في النفس والإحساس بالأنوثة.
توقيت جراحة إعادة بناء الثدي
تدخل جراحة إعادة بناء الثدي كجزء من خطة العلاج بحيث يتم إجراء المرحلة الأولى من إعادة بناء الثدي مباشرة بعد الاستئصال الجزئي أو الكلي للثدي وذلك في الحالات المبكرة لسرطان الثدي أو يتم تأجيلها لمرحلة لاحقة بعد إتمام العلاج كما تصلح لأي امرأة تم استئصال ثديها في الماضي كعلاج لأورام سرطانية.
طرق الإصلاح
بعد الاستئصال الجزئي أو الكلي للثدي لإزالة الأورام السرطانية يتم إعادة بناء الثدي بعدة طرق الأولى: باستخدام ممدات الأنسجة حيث يتم تمديد الجلد باستخدام بالون من السيليكون يُملأ تدريجياً بمحلول ملحي معقم.. ثم يتم إزالته بعد اكتمال تمديد جلد الصدر ويستبدل بوضع حشوة صدر ثابتة من السيليكون وهذه الطريقة الأكثر شيوعاً.
التعويض بالشرائح الجلدية
فيما تكون الطريقة الثانية باستخدام الشرائح الجلدية أو الجلدية العضلية وتعتمد هذه الطريقة على تعويض الثدي المستأصل باستخدام شرائح جلدية أو جلدية عضلية من مناطق أخرى من الجسم مثل أسفل البطن أو الظهر وقد تظل هذه الشريحة الجلدية متصلة الدورة الدموية من مكانها الأصلي أو ننقل شريحة حرة يتم إعادة التروية الدموية لها عن طريق الجراحة المجهرية (الميكروسكوبية) وتتميز الطريقة الأخيرة بتنوع مصادر الشرائح الجلدية من مناطق عدة يسهل إخفاء الأثر الجراحي (الندبات) فيها مثل أسفل البطن والمؤخرة. قد تحتاج المريضة التي تم استخدام شريحة جلدية عضلية من الظهر إلى حشوة سيليكون إضافية لإعادة بناء الثدي ذي حجم مناسب.. وتتميز طريقة استخدام شريحة جلدية من أسفل البطن لإعادة بناء الثدي بإمكانية شد البطن بنفس العملية.
تماثل الثديين والعودة لحالة الصدر الطبيعية
بعد إتمام بناء الثدي يتم تكوين شكل الحلمة والهالة ليصبح الثدي طبيعياً من حيث الشكل والملمس.. ثم يتم في المرحلة الأخيرة عمل تماثل بين الثديين عن طريق تكبير أو تصغير أو رفع الثدي الآخر.