|
تحدث الأستاذ وجدي بن عبدالله الإدريسي رئيس الوحدة الاستراتيجية لطيران السعودية الخاص عن واقع الطيران الخاص وتحدياته وأبرز المعوقات، مستعرضاً ملامح قطاع مهم تفوق استثماراته الخمسة مليارات دولار. في البداية أعطى الأستاذ الإدريسي لمحة عن هذا القطاع الحيوي، معتبراً أن مفهوم الطيران الخاص قد تطور في الآونة الأخيرة بشكل انقلابي حيث أنه في الفترة الماضية كان يستخدم بنسبة 85% منه للرفاهية، فيما تغير هذا المفهوم في وقتنا الحاضر وأصبح يستخدم بالنسبة ذاتها لصالح الأعمال التجارية. مستشهداً بالإحصائيات الأخيرة التي ترى أن سوق الطيران الخاص في منطقة الخليج تحقق نموا ملحوظا برغم التحديات التي واجهت القطاع بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وما خلفته من آثار سلبية طالت جميع أنشطة الأعمال والقطاعات الاقتصادية. لافتاً إلى الاهتمام الكبير الذي توليه الكثير من الشركات العالمية التي تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها في سوق الطيران الخاص في منطقة الخليج العربي.
وعن الرابط بين الخطوط الجوية العربية السعودية وطيران السعودية الخاص، وضح الأستاذ وجدي الإدريسي أن شركة طيران السعودية الخاص هي إحدى الشركات التي تشكل الشركة القابضة للخطوط السعودية، وبالتالي فإن الاستفادة كبيرة من الإمكانيات الكبيرة للخطوط السعودية, خاصة أن طيران السعودية الخاص تتمتع بخبرة طويلة في مجال المناولة الأرضية بصفة عامة, بالإضافة إلى خبرتها المتخصصة في مجال الطيران الخاص والممتدة لأكثر من 30 عاماً عبر إدارة خدمات الرحلات الخاصة التي أصبحت جزءا مــن «طيران السعودية الخاص». وأشار الإدريسي إلى أن طيران السعودية الخاص الذي بدأ عمله قبل 3 سنوات، والذي يعتبر أول شركة طيران عالمية تمتلك أسطول طائرات خاصة من طراز «فالكون7إكس»، ولقد أستخدم أسطولها أكثر من 800 عميل من كبار الشخصيات ورجال الأعمال والشركات تختلف مواعيدهم ورحلاتهم، وتقدم الشركة 3 خدمات وهي خدمة تأجير الطائرات الخاصة، وخدمة تشغيل الطائرات الخاصة، وخدمة المناولة الأرضية للطائرة الخاصة، حيث تشكل سوق السعودية عالميا 7 في المائة من سوق الطيران الخاص العالمية، ويبلغ عدد الطائرات الخاصة خليجيا 500 طائرة منها 350 طائرة في السعودية.
تزايد الطلب على الطيران الخاص
أما فيما يتعلق بحاجة السوق لخدماتهم, أشار الإدريسي إلى الأسباب التي دفعت الخطوط السعودية لدخول عالم سوق الطيران الخاص, وقال: إن الطلب على الرحلات الخاصة يمثل من 7 إلى 8 في المائة من سوق الطيران الخاص العالمي في منطقة الخليج العربي، في حين تمثل السعودية 70 في المائة من سوق الخليج، ومن هنا تتضح الحاجة الملحة لوجود شركات طيران خاصة تكون قادرة على الوفاء بمتطلبات هذه السوق المتنامية في المنطقة. وبناء على ذلك, أوضح الإدريسي أن توجيهات معالي مدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية صدرت بالبدء في دخول هذه السوق لتلبية احتياجاتها للرحلات الخاصة Saudia Private Aviation واختصارها SPA .
وبشأن تميزها عن غيرها من شركات الطيران الخاص, قال الإدريسي إن رسالة SPA تكمن في التفرد بتقديم خدمات فائقة الجودة والتميز، مما يكسب الشركة سمعة عالمية رائدة في هذا المجال, تنطلق من أهداف الخطوط السعودية الوطنية التنموية, من حيث الإسهام في تشييد البنية التحتية لخدمات الطيران الخاص بالمدن الاقتصادية والصناعية وتغطية المحطات التي لا تغطيها شركات الطيران الخاص الأخرى داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى توفير الخدمات الأرضية والتشغيل والإدارة والصيانة لطائرات القطاع الخاص.
ويتابع الإدريسي حديثه حول أبرز أنواع وأحجام ومواصفات أسطول طيران السعودية الخاص من الطائرات وقدرات الطيارين ذوي الخبرة والتدريب العالي، فيقول: إن أسطول طيران السعودية الخاص، SPA يتكون من ست طائرات هوكر 400XP ذات حمولة ستة ركاب، بالإضافة إلى أربع طائرات من طراز فالكون 7X الفخمة ذات الحمولة 14 راكباً.
الأولى في العالم
وأكد الإدريسي أن الخطوط السعودية ممثلة في طيران السعودية الخاص تعد أول شركة طيران في العالم تمتلك وتشغل عددا وتضم لأسطولها طائرات الفالكون الفخمة من طراز فالكون 7إكس بحمولة 14 راكبا، التي تتميز بالمدى البعيد الذي يصل إلى أكثر من إحدى عشرة ساعة طيران دون توقف، مشيراً إلى أنها ستتوزع بين مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، ومطار الملك خالد الدولي في الرياض، ومطار الملك فهد الــدولي في الدمام, حتى يغطي بذلك أسطول طيران السعودية الخاص أنحاء ومناطق المملكة كافة. وأشار الإدريسي إلى أنه يتم حالياً فيما يتعلق بالطائرات ذات الحـمولة الكبيرة التي لها سوق واسعة في المملكة الاستعانة بطائرات أسطول الخطوط السعودية حسب الحاجة, مؤكدا في الوقت نفسه أن سوق الخليج تعد الأولى عالمياً لشريحة الطائرات الكبيرة. وأضاف الإدريسي أن الخطوط السعودية تملك خبرات كبيرة مشهوداً لها بالكفاءة العالية, حيث إنها تمتد إلى أكثر من 60 عاما، مبينا أنها تتسلح بكادر بشري تلقى درجات عالية من التأهيل والتخصص في جميع المجالات المتعلقة بإدارة الطيران, مشيرا إلى أنه تتم حاليا إدارة أكثر من 10 طائرات إدارة كاملة و28 طائرة إدارة جزئية من جميع الأنواع بسواعد هذه الكوكبة من الكوادر المعطاءة.
إلى ذلك تطرق الأستاذ وجدي الإدريسي إلى قضية الأسعار وتباينها بحسب نوع الطائرة المستأجرة، معتبراً أن أسعار طيران السعودية الخاص الأقل بين الدول، الذي تقابله خدمات كثيرة بدءاً من توفير المكان المناسب لصالات المطار المخصص للطيران الخاص، والخدمات التشغيلية من إدارة وصيانة وتوفير سلالم أرضية، إضافة إلى توفير إجراءات السلامة للطائرة وللراكب، حيث تقاس أسعار الرحلات بالساعة، بمعدل 3700 دولار للساعة الواحدة، لطائرة «الهوكر»، بينما يبلغ سعر الساعة للطائرة الـ»فالكون 7 إكس» بـ8900 دولار للساعة الواحدة، على اعتبار أن الطائرة الأخيرة تمتاز بالفخامة والسعة، ويمكن أن تذهب لأي مكان في العالم، وهو ما يختلف في طائرات «الهوكر» التي تصل إلى أي مكان ولكن يتوقف للتزود بالوقود.
استئجار بعقود سنوية وشهرية
وأشار إلى أن سعر الطائرة الصغيرة 7مليون دولار، بينما يبلغ سعر طائرة الـ»فالكون 7 إكس» ذات سعة تصل إلى 15 راكبا قرابة 50 مليون دولار، وهو ما جعل كثيرا من رجال الأعمال يتجهون إلى استئجار طائرات عبر عقود سنوية وشهرية، كنوع من التوفير لصيانة الدورية والتشغيلية. واستطرد الإدريسي بحديثه حول سياسات التسعير المرنة التي تتبعها SPA والتي تميزها عن غيرها, إذ إنها تأخذ بنظام تعدد نقاط الانطلاق, حيث وضعت أربعة مواقع رئيسة في المملكة في وجود الطائرات، وهي: الرياض، وجدة، والدمام, والمدينة المنورة ما يخفض التكلفة على العميل، فالطائرة تكون موجودة لديه في منطقته، وبالتالي لا يتحمل قيمة الخط الفارغ حتى وصول الطائرة إليه لتنقله إلى أي مكان يرغبه. وبحسب الإدريسي فهناك العديد من المميزات تتوافر في الطيران الخاص بخلاف رحلات الطيران العادية، فعلى سبيل المثال يتيح الطيران الخاص للعميل تحديد موعد وتاريخ الرحلة دون الحاجة إلى معرفة جدول الرحلات والالتزام بها، في حين يكون مضطراً في الرحلات العادية إلى الالتزام بجدول الرحلات، ولايمكن بأي حال من الأحوال تغيير موعد الرحلة أوتاريخها، ما يتطلب الحجز المسبق، وفي أوقات الذروة, خشية ألا يتمكن من توفير المقعد الذي يحتاج إليه على متن الرحلة، بل قد لا يستطيع الحجز عليها أصلا في حالة عدم توافر مقاعد شاغرة، وهذا بطبيعة الحال لا يتماشى مع احتياجات وجدول أعمال كبار الشخصيات. فضلا عن ذلك, قال الإدريسي إن الطيران الخاص يوفر أجواء من الخصوصية سواء من حيث قوائم الطعام المقدمة التي يختارها العميل مسبقاً، أومن حيث الانفراد برحلة خاصة دون أن يكون مضطراً إلى السفر مع أعداد كبيرة من الركاب, إضافة إلى إمكانية الوصول إلى أي وجهة حتى لو لم تكن مدرجة على جدول الرحلات الاعتيادية وإلى غير ذلك من الامتيازات التي تتبعها رحلات الطيران الخاص التي بإمكانها أن تحسم قرار كبار الشخصيات ورجال الأعمال لاختيار الطيران الخاص.
تداعيات الأزمات المالية العالمية
وقلّل الأستاذ وجدي الإدريسي من أهمية تأثير تداعيات الأزمات المالية العالمية المتكررة على قطاع الطيران الخاص، معتبراً أن سياسة ربط الأحزمة والتقشف الإنفاقي لا يطال منطقة الخليج، مقراً في الوقت ذاته بأن سوق الطيران الخاص شهدت انخفاضا عالمياً بسبب الأزمة بنسبة 30 في المائة منذ عام 2009، مؤكداً أن سوق الطيران الخاص في المملكة كان تأثره طفيفاً مقارنة بما حدث عالمياً بحكم قوة اقتصاد المملكة وتنوعه والمشروعات التنموية الكبرى التي تشهدها المملكة في القطاعات كافة, إضافة إلى السياسات الاقتصادية المتمثلة في زيادة الميزانية الخاصة بالدولة وزيادة معدل الإنفاق الحكومي. وأشار الإدريسي إلى أن ارتفاع مؤشرات سوق الطيران بصفة عامة وسوق الطيران الخاص بصفة خاصة, لم يعد مجرد رفاهية بل تحول إلى ضرورة ملحة للكثير من رجال الأعمال والشركات الكبرى، حيث أن السفر لأجل الأعمال استأثر بنسبة 85 في المائة من سوق الطيران الخاص، في حين لم يتجاوز السفر الترفيهي نسبة 15 في المائة، ما يعني دخول الطيران الخاص عالم التجارة والمال والأعمال كعامل نجاح رئيسي في هذا المجال. كما ذكرنا سالفاً.
ومن جهة أخرى أشاد الإدريسي بالتنظيم الجديد لسوق الطيران الخاص الذي أصدرته سلطات الطيران بمنطقة الخليج بداية هذا العام والقاضي بمنع تسيير الرحلات الخاصة الداخلية بين مدن دول الخليج، ووصفه بالخطوة المهمة لحماية المستثمرين المحليين. مؤكداً أن التنظيم الجديد يهدف إلى منع استغلال الشركات الأجنبية للأسواق الخليجية والتي تقوم برحلات مخالفة للأنظمة بين مدن الدول الخليجية وهو ما يؤثر على شركات الطيران الخاص الوطنية التي تستثمر في الدولة ذاتها. وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية شرعت في تطبيق هذا التنظيم الجديد حيث تعدّ هيئة الطيران المدني السعودية أول جهة مسؤولة عن قطاع الطيران في الخليج تقوم بسن تلك الضوابط التي تمنع الشركات الأجنبية من تسيير رحلاتها بين المدن السعودية. وقال الإدريسي إن أبرز ملامح التنظيم الجديد تحديد ساعات طيران بحيث لا تتجاوز 10 ساعات مع تأكيد سلامة كل جوانب الطائرة الفنية وإجراء فحص الرخصة كل 6 أشهر، مشيرا إلى أن ذلك الأمر لا يتم بشكل فعلي في الطيران الخاص للاستخدام الشخصي والذي لا يلتزم بمعايير محددة حيث أن رخصة الطيران هي للاستخدام الشخصي وهو ما يعرف برخصة 91 وأما رخصة الطيران الخاص التجاري تعرف برخصة 135 التي تجيز التأجير مما يجعل من الخطورة استخدامه لعموم الركاب. محذراً كذلك من الوقوع في مخالفة قانونية، حيث إن 50 في المائة من رحلات الطيران الخاص عالمياً تعمل بطرق غير نظامية، عبر سوق سوداء، ويمكن أن يقع رجل الأعمال أو سيدة الأعمال ضحية لمسائلات قانونية، وخصوصا مع التشديد الذي تنتهجه دول الاتحاد الأوروبي وأميركا. وأكد ذلك كوننا أيضا عضوا في الاتحاد الأوروبي للطيران الخاص كذلك وتصلنا جميع التعليمات أولا بأول في هذا الشأن أيضا.
وأضاف: تنشأ السوق السوداء عبر ملاك طائرات يقومون بتأجير طائراتهم من دون حصولهم على رخصة تأجير الطائرات الخاصة لرجال أعمال، سواء للترفيه أو لتفقد أعمالهم، من دون إجراءات حصولهم على رخصة التشغيل التجاري 135 وبالتالي دون إخضاعها لإجراءات التدقيق في سلامة المركبة وكفاءة قائدها لمعايير تأجير الطيران الخاص، مما يعرض المستثمر المستأجر للمخالفة عند دخول مطارات الدول. ولفت الإدريسي إلى أن المجتمع بحاجة إلى تثقيف عن مزايا الطيران الخاص التجاري والمتطلبات التي يجب على كل من يستخدم الطيران المرخص، فمثلا يجب التأكد من أن الطائرة مرخص لها ولديها تأمين حتى تتجنب الدخول فيما يسمى السوق السوداء التي يتم من خلالها تسيير رحلات غير مرخصة ولا يغطيها التأمين.