|
الرياض - سعد العجيبان:
دافع عضو مجلس الشورى خليفة الدوسري عن توصيته الإضافية المقدمة للجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات المتعلقة بشأن التقرير السنوي للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية للعام المالي 1431 - 1432هـ.. التي طالب فيها بدراسة إنشاء شركة متخصصة لتمديد السكك الحديدية وصيانتها.
ووصف الدوسري عدم إقرار المجلس لها خلال جلسته العادية الـ 57 المنعقدة يوم الأحد الماضي، بأنه لا يسهم في حل معاناة نقص الوظائف ومعالجة البطالة.
وامتدح عضو المجلس الدوسري في تصريح لـ(الجزيرة) التجربة التي خاضتها المملكة منذ ما يربو على الخمسين عاما في إنشاء السكك الحديدية بسواعد وطنية، مشيراً إلى أن توصيته تهدف في المقام الأول إلى توفير الموارد المالية للدولة في الوقت الذي تعد فيه تكلفة تلك المشروعات عالية في حال تنفيذها من قبل شركات عالمية.
60 سنة لتغطية المملكة بخطوط حديدية
وحول اعتقاد عدد من الأعضاء المعارضين للتوصية بأن مشروع تمديد سكك الحديد يتم لمرة واحدة.. وبالتالي فتأسيس شركة لمشروع يتم لمرة واحدة أمر غير مجد.
علق الدوسري بعدم صحة تلك الرؤية.. مرجعا ذلك إلى أن مهام العاملين على إنشاء خطوط السكك الحديدة لن تنتهي بمجرد انتهائهم من إنشائها، مشيرا إلى أن تلك الخطوط سيتم إنشاؤها بشكل مواز للطرق السريعة الرابطة بين المدن التي تقدر أطوالها بمئات الآلاف من الكيلو مترات.. إضافة إلى إمكانية الاحتياج الفعلي لإنشاء سكك رديفة تستخدم لاحتياجات أخرى غير نقل الركاب كخطوط الشحن. كما أن تلك الخطوط تحتاج إلى صيانة دائمة لما بعد الإنشاء، إضافة إلى احتمالات قائمة بتعرضها للتلف بين فترة وأخرى، وبالتالي فإن العمل لن يتوقف.
واستشهد الدوسري بالخطة الزمنية المقررة حالياً لتغطية 10 آلاف كيلو متر خلال عام واحد، مشيرا إلى أن ذلك يؤكد أن تغطية مئات الآلاف من الكيلو مترات يحتاج إلى 50 - 60 سنة عمل متواصلة، وذلك ما يشجع على إنشاء شركة متخصصة بتمديد الخطوط الحديدية بكادر وظيفي إداري وهندسي وفني وعمالة سعودية بشكل كامل.
وأضاف الدوسري أن الشركة سيكون لها ميزة تجنب البيروقراطية بما يضمن التحكم بأجور العاملين بها بكل فئاتهم، حيث يحصل أقل فئة العاملين بها ممن يقومون بتركيب السكك الحديدية على دخل شهري يعادل أضعاف الحد الأدنى للأجور في وظائف القطاعات الأخرى.. تتضمن بدلات متعلقة بطبيعة الوظيفة وبعدها عن النطاق العمراني والمدن. وأضاف الدوسري أن تأسيس الشركة يوفر فرصة تنفيذ خطوط حديدية بين دول الخليج في حال تنفيذ الربط، وعلق على آراء زملائه الأعضاء المعارضين للتوصية بأنهم من غير ذوي الخبرة في هذا المجال لذلك لم يؤيدوا التوصية.
التوصية
وكان عضو المجلس خليفة الدوسري قد تقدم بتوصية دراسة إنشاء شركة متخصصة لتمديد السكك الحديدية وصيانتها. وبين الدوسري أن توصيته تأتي في الوقت الذي تتوجه به المملكة لمد شبكة خطوط حديدية بين المدن والقرى، مشيرا إلى أن إنشاء الشركة سيسهم في نقل التكنولوجيا وكسب الخبرات في إنشاء السكك الحديدية وتشجيع التصنيع المحلي لسكك الحديد، وتخفيف التكلفة على الدولة وسعودة الوظائف.
وقال الدوسري في مداخلة له إن شبكة السكك الحديدية بدأت بسواعد سعودية منذ أكثر من 50 سنة، وكان هذا الإنجاز ناجح، متمنيا أن نحذو نفس خطوة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية في بدايتها، أو شركة أرامكو في نهاية الأربعينيات حين استطاعت تمديد خط الأنابيب في كثير من المواقع بسواعد سعودية، وكذلك سابك وشركة الكهرباء. وأضاف أنه بإنشاء شركة متخصصة لتمديد السكك الحديدية سنحصل على منتج سعودي كامل يقوم بمد خطوط حديدية توازي الطرق السريعة للسيارات بين المدن.
وأكد أن بداية مشروع كهذا ستبدأ التوفير من تآكل الاقتصاد الوطني.. فالمملكة متانتها في اقتصادها.. كما أننا نبحث عن توطين الوظائف، فكيف يتم رفض دراسة إنشاء الشركة.
اعتذار اللجنة
وجاء رد لجنة النقل بالمجلس على لسان رئيسها الدكتور فيصل طاهر متكئا على ما نصت عليه الفقرة الثانية من قرار مجلس الوزراء رقم 322 وتاريخ 12/ 11/ 1432هـ، بأن تحتفظ الدولة بملكية البنية التحتية لجميع المشروعات القائمة والمستقبلية للخطوط الحديدية على أن ينظر مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة بالتنسيق مع وزارة النقل في مدى مناسبة إنشاء شركة مساهمة جديدة يملكها الصندوق بالكامل، وتنتقل إليها ملكية البنية التحتية للخطوط الحديدية.
كما أشارت الفقرة الثالثة من القرار ذاته إلى أن تتولى هيئة الخطوط الحديدية الإشراف على هذه الشركة وتتولى الهيئة تنظيم نشاط النقل بالخطوط الحديدية والإشراف على سلامة تشغيلها وفقا لما ورد في تنظيم الهيئة الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 1 وتاريخ 12/ 1/ 1429هـ، وعليه فإن اللجنة تعتذر عن عدم قبول التوصية الإضافية بدراسة إنشاء شركة متخصصة لتمديد السكك الحديدية وصيانتها.
أبو ساق: ما الذي يمنع!!
اللواء فيصل أبو ساق أكد أنه استطاعت المملكة قبل 50 سنة تمديد أنابيب البترول بأيد سعودية خالصة واكتسبت خبرة وطنية بين عشرات الآلاف من السعوديين العاملين في البترول، متسائلا ما الذي يمنع أن تتمكن المملكة اليوم كغيرها من دول العالم خاصة أن لدينا الإمكانات المادية، وأمام الطموح بأن تكون في المملكة شبكة متكاملة بين جميع المدن والقرى كما هي في الدول المتقدمة من الطرق، ما لم يكن لدينا أكثر من شركة محلية وبأيد سعودية وبتقنية منقولة إلينا لن نستطيع أن نحقق هذه الرؤية التي نتحدث عنها منذ عدة عقود بأن يكون لدينا شبكة قطارات، فلا بد أن ننقل هذه الخبرة وان تكون سعودية وان تكون متوافرة بنفس الفكرة التي دعت إليها التوصية.
السعدون: وظائف ذات أجور مرتفعة
من جانبه بين اللواء طيار عبد الله السعدون أن هذه التوصية ستوفر أمرين هامين الأول توطين الوظائف، والثاني نقل التقنية، ودائما في الدول المتقدمة حينما يعلن عن أي مشروع يعلن عن عدد الوظائف التي سيوفرها، ولدينا للأسف تعلن الشركات التي فازت بعقود تنفيذ المشروعات عن عدد التأشيرات التي ترغب في استقدامها، وهناك تجارب ناجحة في عدة قطاعات، ففي وزارة الدفاع حين شراء منظومة، أول ما تقوم به هو ابتعاث المشغل والصيانة والمهندس، وحين وصول المنظومة، يكون هناك من المواطنين من يقوم بهذا العمل، ولذلك إذا لم نقض على البطالة في ظل هذه المشروعات العملاقة كالتي في مكة المكرمة والمدينة والمنورة والمدن التي تشهد نهضة صناعية فمتى نستطيع القضاء على البطالة، ونوفر وظائف ذات مردود مادي مجز، ويجب على صندوق الاستثمارات العامة التحرك بسرعة لمثل هذه الشركات التي تستطيع ان توظف وتوطن برواتب مجزية وليس الحد الأدنى للرواتب.
أبو ملحة: بلادنا تستورد كل شيء!!
وقال العضو عبد الله أبو ملحة اننا إذا لم نؤيد هذه التوصية فنحن لا نعرف ما هي مشكلة بلادنا، فبلادنا تستورد كل شيء فإذا لم نوطن صناعة النقل بالسكك الحديدية فإننا سنظل نعتمد على كل شيء من خارج بلادنا، فلماذا لا نؤسس لهذا النشاط بنية تحتية من صناعة وتنفيذ وتشغيل.
د. محمد المطلق (معارض) على الرغم من اقتناعي بهدف التوصية النبيل، لا أرى ان إنشاء شركة لمد السكك الحديدية هو مشروع اقتصادي ناجح، لان تمديد السكك الحديدية عادة يتم لمرة واحدة، وليس لها استمرارية، ولكي يكون هناك قيمة اقتصادية لهذا المشروع، يجب ان يكون هناك صناعات وشركات كبرى مساعدة، فهناك تكنولوجيا ومعلومات يمكن الحصول عليها من الشركات الكبرى، وتكلفة المشروع في حال ان يعطى إلى شركة واحدة جديدة ناشئة ستكون كبيرة جدا، ولكن عندما تعطى عمليات مد شبكات السكك الحديدية لشركات قوية وعالمية قائمة منذ مئات السنين، تكون هي المقاول الرئيسي وتكون جميع الشركات التي تقوم بجميع الأعمال الثانوية والمتوسطة، في هذه المشروعات شركات سعودية يتم من خلالها التثبت من أن تلك الشركات هي التي تقوم بأداء الخدمة الفعلية، أما إنشاء شركة سعودية لا أرى أن لها قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
الزكري: الشركة تقلص الوظائف العامة
عضو المجلس م. عبد المحسن الزكري عارض التوصية وقال نحن لا نريد القطاع العام عند قيام أي عمل في المملكة يتم إنشاء شركة له، وإذا تبنى مجلس الشورى هذا التوجه فذلك يعني أننا نبحث عن تقليص الوظائف العامة، وبالتالي التطوير من نفوذ القطاع الخاص، القطاع الخاص في المملكة قادر على إنشاء مثل هذه الشركات، وتمديد السكك الحديدية يتم عادة لمرة واحدة لكن العمل المستمر هو الصيانة للمركبات ومتابعة الأنظمة في القطارات، وإذا كان الهدف هو ان الدولة تنشئ شركة وتتشارك مع القطاع الخاص فهذا متحقق، والدعوة هنا ان تعمل هذه الشركة بإنشاء شركات مرادفة لها بمشاركة القطاع الخاص، واتمنى ألا يتبنى المجلس هذه التوصية لأنها ستكون غير مجدية لقطاع النقل بالخطوط الحديدية.
التصويت
بعد خضوع التوصية للتصويت حصلت على 71 صوتا مؤيدا مقابل 51 معارضا، ما أسقطها نظاميا، إذ لم يصل صوت المؤيدين لها 76 صوتا، إلا أن عددا من الأعضاء رأوا أحقية نجاحها، فيما أكد مساعد رئيس المجلس الدكتور فهاد بن معتاد الحمد عدم نجاحها.