كان العرب يقولون: إن الرجل هو أسلوبه, حتى إذا ما ذهبوا يتقصون اسم شاعر، أو ناثر ليسندوا إليه نصا قالوا: هذه لغة فلان، وهذا أسلوبه, بما فيه من ألفاظ، وأخيلة، بل طرائق تفكير..
الآن كثرت وسائل النشر, والنقل، والقص, واللصق، والنسخ، والسرعة، والارتجال.. وكثافة العبارة، وضغط الجمل، واختصار التعبر، فسهل التقليد، والاتباع، والتشابه..
بل إنك لتقف أمام نصوص فتقول: هذا أنا.., أو هو، أو هي.., لكن لم يعد الأسلوب هو الرجل، ولا المرأة.. وإنما الذي يميز الواحد منهم، هو توجهه الفكري، هو وحده الذي لا يقلَّد، ولا يُقَص، ولا يُلصق..!!
وقد سبق أن كتبت مقالا معنونا بـ»السرقة المباحة» حين حدث لكاتبة أردنية أن نشرت مقالا كاملا لي تحت اسمها، لم تغير فيه إلا اسم مسرح الموضوع من «الرياض» لـ»عمَّان».., ومن صحيفة «الجزيرة» لصحيفة في بلدها، دلني يومها عليه الأستاذ الدكتور (طلال الضاحي) وكيل كلية العلوم الإدارية زمنه..
أذكر قلت في «السرقة المباحة» إنني عندما أرسل ما أكتب، فهو هبة لمن يقرأ, وبالتالي فله ما شاء أن يأخذ منه، ولي زمن نشره..!
على أن الصحف الآن تتسابق للتوثيق، وركب سفينة التحديث, والمواكبة لحفظ الحقوق..
ومع ذلك فكثيرا ما استوقفتني عبارات لي في كثير من تغريدات أسماء لا أعرفها..!
فأرسل لهم بسمة رضاء لا يرونها، أن حذوا إعجابا بها، فتقلدوها فوق عنق مساحاتهم..! وباءوا بالحقيقة..!
ما ننتهي إليه في هذا الصدد، هو أن التشابه يرد في الغالب تطابقا، وأخذا، فيدخل في خانة السرقة لعدم وجود ضوابط أخلاقية، ويبقى ذو الخلق في منأى..
وإن أجمل ما يريح في الموضوع، هو أن إيثارك لا يذهب هباء..
وأن أخذهم لا يبقى وساما..!.. وأنك بهذا ذو شبيه،..
يقول الطيبون في هذا: تلك مدرستك، وهؤلاء تلاميذك..
يذهب ظنهم نحو التأثر بكَ، والتأثير منك..
وهناك ثلة من مريدي الكاتب يمكن أن تنصرف نحوهم هذه الفكرة.., ويمثلهم هذا الرأي, ويندرجون تحت هذه النتيجة بعد قراءتهم المستديمة للكاتب..!
غير أن شبيهك لا يشبهك عند غيرهم، وإنما هو نسخ عنك، ولصق لما هو لك, وهذا ما يحدث بين مبتدئي البحث العلمي من الطلبة، كذلك عند غيرهم من أولئك السارقين المموهين المحتالين على نتاج غيرهم تحديدا في مجالات البحوث العلمية.. أولئك الذين شاعوا فضاعوا..! وإن بقيت سرقاتهم في الأدراج والأرفف لأنه ليس كل البحوث تنشر على ملأ كما هو ملأ «النتيين»..
يبقى الفضاء الافتراضي عالما موهوما.., وميدان ركض للمتسرعين، ومضمارا شاسعا للسارقين..!
عني: فليأخذوا ما شاءوا.. لا بقاء في هذا الأمر إلا للأول.
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855