سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في عدد الجزيرة الصادر رقم 14614 وتاريخ 16-11-1433هـ قرأت تعقيب (الشاب المتقاعد والمستشار القانوني) الأخ مفلح بن حمود الأشجعي حول المتقاعدين، وقد قال كلاماً مفيداً، أراه منتجاً لو أخذ به من قِبل جهات الاختصاص، ومما ورد في ذلك التعقيب قوله: «وبلا جدال بين ذوي الألباب أن المتقاعدين هم بلا شك أهم تلك الخصائص البشرية المميزة نظراً لما يتمتعون به من خبرات عملية؛ فالخبرات تختصر الوقت والجهد للوصول إلى الهدف المطلوب». وقوله: «وللخبرة أيضاً وجودها في علم أو علوم قد لا يحمل صاحبها شهادة علمية». وقال أيضاً: «ولنخلص إلى القول بأن منح ذوي الخبرات في مهنهم درجات علمية نظير خبراتهم العملية سيكون بلا شك دافعاً معنوياً لهم لبذل المزيد من الجهد وتنشيط قدراتهم والاستفادة ما أمكن من إمكانياتهم الخبراتية، فقد قيل إن الخبرات والتجارب هي أعدل الشهود في الحكم على الشيء...». وفي زاوية بين قولين في عدد الجزيرة 14431 الصادر يوم الاثنين الموافق 10-5-1433هـ كتب الأستاذ عبدالحفيظ الشمري مقالاً بعنوان (نظام المتقاعدين)، وجاء فيه النص الآتي: «لا يزال مجلس الشورى يتأمل ويناقش ويحلل من خلال لجانه المختصة الكثير من الأمور المتعلقة بفئة المتقاعدين..». وحول هذا يكون تعليقي بالنقاط الآتية:
أولاً: المتقاعدون حتى الآن، سواء منهم من أكمل الخدمة النظامية أو أولئك الذين تقاعدوا بعد إكمال نصف مدة الخدمة النظامية، وهي عشرون عاماً، لو تأملنا حالهم لوجدناهم دخلوا الخدمة الوظيفية في وقت كان الكثيرون فيه يبتعدون عن الوظيفة لوجود ما هو أكثر إدراراً للمال عليهم من خلال الأعمال الأخرى.
ثانياً: أولئك المتقاعدون خرجوا من الوظيفة يوم أن أخذ الناس يتنافسون ويتسابقون على الوظيفة.
ثالثاً: أولئك المتقاعدون خدموا في الدولة يوم أن كانت الرواتب أقل بكثير مما هي عليه الآن.
رابعاً: لو بحثنا حال أولئك المتقاعدين لوجدنا أكثرهم لم يواصل دراسته الجامعية فما فوقها؛ لأنهم ارتبطوا بعمل وظيفي فشغلوا بخدمة الوطن والمواطنين عن مواصلة الدراسة.
خامساً: هناك من المتقاعدين من يملك من المقدرة على التحليل، والتحصيل، والخبرة، ما يؤهله لإدارة أعمال وتسيير أمور قُيدت مزاولتها باشتراط الحصول (على الشهادة الجامعية والخبرة بعد الجامعة)، وهنا تكون الخبرة هي الأساس، وهي متوافرة في المتقاعد، ثم هل العقل والتحليل والاستنتاج والخبرة محصورة بمن يحمل الشهادة الجامعية فما فوقها فقط؟ وهل خبرة تتجاوز العشرين عاماً، أو الثلاثين، أو الأربعين عاماً، لا تغني عن شهادة الجامعة، والخبرة تكون حسب التخصص الوظيفي؟ وهل اشتراط مزاولة بعض المهن بالحصول على الشهادة الجامعية يلغي تلك الخبرة الطويلة من التخصص؟ في نظري أن دراسة الأنظمة الحكومية، وممارسة تطبيقها على أرض الواقع خلال العمل الوظيفي، يعادلان أعلى الشهادات، بدليل اشتراط الخبرة بعد الشهادة الجامعية بوصفها شرطاً لإعطاء رخصة لمزاولة بعض المهن.
سادساً: لماذا لا يؤخذ بالخبرة الموجودة لدى المتقاعدين ومعادلتها مع الشروط المطلوبة لبعض المهن، ومن ثم إعطاء الرخصة بمزاولة المهنة المطلوبة من المتقاعد، حسب تخصصه الوظيفي؟
سابعاً: هل ستأخذ دراسة مجلس الشورى المشار إليها إضافة العلاوة السنوية، ورفع رواتب المتقاعدين، وإعطاءهم بدل سكن وتأميناً صحياً لهم ولعوائهم، أم أن هناك رأياً آخر؟
ثامناً: يظل المتقاعد ابناً ومواطناً صالحاً، خدم دينه ومليكه ووطنه من خلال عمله بالوظيفة العامة، وتقاعده عن العمل لا يهضمه حقه، ولا ينقص قدره، ولا يضيع خبرته، بل المفروض أن ينظر إليه على أنه أدى الحق الذي عليه، وبقي الحق الذي له. تاسعاً: أتمنى أن يؤخذ ما سبق بالحسبان من خلال دراسة أحوال المتقاعدين، وأرجو ألا تصدق عليهم كلمة (مُت قاعد)، وأن يعطى من يرغب العمل ترخيصاً يزاول بموجبه العمل حسب تخصصه الوظيفي قبل تقاعده، وأن تبنى تلك الرخصة على ما يحضره من شهادات بخبرته بالعمل الذي يطلب الترخيص له بمزاولته، وأن تكون شهادة الخبرة صادرة من الجهة الحكومية التي تقاعد منها، ومن خلال ملفه الوظيفي لديها، وأعمالها التي زاولها مزاولة فعلية، وأن تكون تلك الشهادة لها صلة مباشرة بالعمل المطلوب الترخيص له بمزاولته. أتمنى أن أقرأ استجابة عاجلة لذلك.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
- محمد بن عبدالرحمن بن محمد الفراج