في البرامج الحوارية المباشرة التي توسّعت في تقديمها المحطّات الفضائية وبالذات المصرية، حينما يتم طرح قضية فساد وتجاوز، تهم الرأي العام وتضرّ المصلحة العامة والمجتمع، يبادر المذيع ومقدم البرنامج بأنّ الموضوع المطروح قضية تُرفع إلى النائب العام كبلاغ فوري ومباشر ضد الشخص أو الأشخاص الذين يشكو منهم المتداخلون في البرامج، أو ما يكشفه المحاورون ليكون بلاغاً للنائب العام.. مما يعتبر شكوى فورية على الهواء دفاعاً عن المصلحة العامة والمجتمع، لما تمثله قضايا الفساد من أضرار بالمواطنين ومصلحة الوطن، وخاصة إذا ما ارتبطت بقضايا المال العام وحتى الخاص، عندما يتغوّل شخص نافذ ما أو جهة حكومية عامة أو خاصة، وتسلب المواطنين حقوقهم وأموالهم دون وجه حق، من أجل تحقيق مصلحة ذاتية شخصية لا تتعدّى فائدتها ومكاسبها تلك الشخصية أو الشركة الفاسدة.
صحفنا المحلية تزخر بالكثير من المواضيع والقضايا التي تسلِّط الضوء على مخالفات وتجاوزات تصل في خطورتها إلى خطورة قضايا الفساد. وبعد بثِّ برنامج «الثامنة» الذي يقدمه الزميل داود الشريان، كشف العديد من قضايا الفساد التي تستحق جميعها أن تحمل صفة بلاغ على الهواء مقدَّم إلى هيئة مكافحة الفساد، وأن تبادر هيئة التحقيق والادعاء، وديوان المراقبة، في تتبُّع تلك القضايا وتقصِّي المخالفات لمعاقبة المخالفين وتبرئة من يُتّهمون دون وجه حق.
في اليومين الماضيين، تناول الأستاذ داود الشريان موضوع الكليات الطبية المنتشرة في المملكة، والتي أصبحت كالفطر السام موجودة في المدن الكبرى الرياض وجدة، واستضاف في برنامجه عدداً من الأساتذة الدكاترة الأكاديميين وطالبتين كعينة من المتضرِّرات، وأجرى مداخلة مع أحد أصحاب تلك الكليات الذي أظهر استعلاءً واستهتاراً يستفزّ المشاهد والمتلقِّي، ويكشف الحوار الذي جرى بين المتداخل والأستاذ الشريان، أنّ الطبيب المذكور قد أُبعد من المملكة ثم عاد إلى البلاد، وبعد أن حصل على الجنسية الأمريكية، ثم بقدرة قادر حصل على الجنسية السعودية، ليستغل ذلك في إنشاء تلك الكليات للاسترزاق على حساب أبناء وبنات الوطن، ولا نعلم، بل هو لم يكشف في حواره مع الشريان كيفية الحصول على التراخيص لتُقام تلك الكليات ويقبل عليها أبناء وبنات الوطن، ليكتشفوا بعد ذلك قلّة ورداءة الأجهزة العلمية وتدنِّي مستوى الكادر الأكاديمي، إلى درجة أنّ أحد الذين يدرِّسون إحدى المواد العلمية حضر للمملكة على مهنة لحّام، ومع هذا يصرُّ على أنه يخدم خدمة أكاديمية، وأنّ وزارة التعليم العالي هي التي استعدت داود الشريان وقوله إنّ «العنقري دازك عليّ»، وهذا ما جعل الشريان يحتد ويرد عليه بمستوى حواره، وهو ما جعل المتداخل يشكِّك في قدرة الشريان الإعلامية، رغم أنّ الشريان تعامل التعامل المستحق مع شخص يصرّ على ممارسة الفساد، وفي مرفق مهم هو مرفق التعليم الجامعي، الذي يُفترض أن يدرِّس ويدرِّب الشباب على الحفاظ على صحّة البشر.
jaser@al-jazirah.com.sa