|
المدينة المنورة - علي الأحمدي:
كشف وزير الاقتصاد والتخطيط عن توجُّه محلي لإعادة النظر في منظومة التنمية الإقليمية وتوزيع الخدمات بشكل أفضل بين مناطق المملكة المختلفة بحيث لا يكون التركيز على المناطق الرئيسة.. وقال الدكتور محمد الجاسر إن أكثر من 65% من سكان المملكة منحصرون بين جدة ومكة والرياض والدمام لذلك نجد الخدمات والمصانع تتركز في هذه المناطق ولسنا استثناء من الدول الأخرى.. وأضاف: الآن هناك تحرك نحو إعادة تنظيم منظومة الخدمات للحد من الهجرة للمدن الكبرى، فالرياض الآن يسكنها حوالي 6 ملايين وهو حجم كبير من السكان في منطقة واحدة.
وأشار الجاسر إلى تحديين رئيسين تواجههما المملكة في هذا السياق يتمثَّل الأول في تطوير السبل والوسائل التي تكفل للاقتصاد استحداث الفرص الوظيفية الكافية لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل في الحاضر والمستقبل، وكذلك استيعاب من ليس لديهم عمل في الوقت الحاضر، أما التحدي الثاني فيكمن في إرساء معدلات الإنتاجية العالية والحفاظ عليها بصورة مستدامة في كل من القطاعين الحكومي والخاص، ونحن نبذل جهوداً حثيثة على كافة الأصعدة لمجابهة هذين التحديين وعلى يقين بقدرتنا على التغلب عليهما.
وكان الجاسر يتحدث أمس الأول في محاضرة بعنوان: «مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل التنامي المطرد للاقتصادات الناشئة» استضافتها الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.. وقال: إن المرأة ستكون جزءًا أساسيًّا في خطة التنمية العاشرة.. مؤكداً أن الخطط الخمسية راعت ذلك إلا أن الزيادة المطردة لأعداد السعوديات المؤهلات والداخلات إلى قطاع الأعمال يُحتّم ذلك.
وأبدى الجاسر قلقه حيال مشكلة التستر في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة حيث تتحول فرص العمل الناشئة عن ذلك النشاط لعمالة أجنبية غير شرعية مما يحرم المواطن من تلك الفرص، بل ويحرم المجتمع من فرص تحول تلك المنشآت إلى شركات كبيرة قابلة للنمو والتطور ترفد النمو الاقتصادي الوطني.
وقال الجاسر إن المملكة تمر بفترة لم تحدث في تاريخها ولا تتكرر كثيراً في تاريخ الدول حيث يبلغ عدد السكان ممن هم في سن العمل أكثر من 61% مشدداً على أهمية الاستغلال الأمثل لهذه الميزة.
وأشار الدكتور الجاسر إلى أن الاقتصادات الناشئة ومنها اقتصاد المملكة ستحافظ على مكانتها اللائقة وليس أدل على ذلك من النظر إلى قائمة الدول العشرين التي تضم المملكة لندرك الدور المحوري الذي تقوم به المملكة اقتصادياً.
وأعطى الجاسر أمثلة على نجاح أداء المملكة الاقتصادي في سياق خطط التنمية الخمسية ولخّصها في أن القاعدة الاقتصادية أصبحت أكثر تنوعاً ويتجلى أحد مؤشرات ذلك في نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي فقد ارتفعت من 48.5% في 1970م إلى 72.5% عام 2011م برغم الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط.
وتطرق الجاسر لمؤشر آخر يتمثَّل في نسبة قيمة صادرات السلع غير البترولية إلى قيمة الواردات السلعية غير البترولية في المملكة حيث سجلت هذه النسبة قيماً لا تكاد تذكر خلال السبعينيات.. أما الآن فقد ارتفعت من 26.8% عام 2001م إلى 35.8%.. ويُضاف إلى تلك المؤشرات أيضاً أن المملكة لم يكن لديها صناعة محلية لإنتاج الأسمنت في السبعينيات والآن فقد بلغ الإنتاج المحلي 24 مليون طن عام 2004م ليقفز إلى 62 مليون طن عام 2011م.. كما أنه مع نهاية 2011 وهي السنة الثانية من الخطة التاسعة بلغ مجموع أطوال الطرق المعبدة حوالي 233 ألف كم ما بين طرق سريعة تربط المدن وطرق داخل المدينة، علاوة على 136 ألف كم من الطرق المعبدة، ومعروف أن المملكة مترامية الأطراف، كذلك ارتفع معدل العمر المتوقع عند الميلاد للمواطن السعودي من 53 سنة في أوائل السبعينيات إلى 74 عام 2011م بفضل الله ثم بفضل تحسن الخدمات الصحية، مشيراً إلى شواهد من نجاحات المملكة في الخدمات الصحية في التحصينات وانخفاض معدلات الوفاة وارتفاع عدد الأطباء في وزارة الصحة.
وأشار الوزير إلى أن المملكة تعكف على إجراء تقييم للشركات الصغيرة والمتوسط بغية تحديد السياسات المتبعة وكيفية تحسينها وتطويرها بحيث يتسنى لنا استخلاص الدروس المستفادة وتضمينها في الخطط والبرامج القادمة.
وأشار إلى أن التنويع الاقتصادي سيسهم في التعزيز الأمثل للموارد والاستفادة منها، والتنويع لا يتحقق إلا إذا كانت الصناعات ذات قدرة تنافسية عالية. وبيَّن الوزير أن رياح العولمة دفعت الدول لأن تفكر من منظور عالمي وألا تقصر نظرتها على أوضاعها المحلية، وأصبحت اقتصادات الدول أكثر تشابكاً وترابطاً، ولا شك أن المعرفة ستشكل العنصر الأكثر أهمية للقدرة التنافسية الاقتصادية في المستقبل، ونحن نملك الوسائل والأدوات اللازمة للتحرك في هذا الاتجاه إلا أننا نسعى لتطوير الكفاءة الإنتاجية بوصفها عنصراً بالغ الأهمية في هذا المضمار، فبدون إنتاجية مرتفعة للقوى العاملة فلن يكون بمقدورنا تحقيق الاستفادة الكاملة من الموارد التي حبانا الله بها ولن يكون لدينا القدرة التنافسية العالمية.