كيف يمكن أن تكون بعض لحظاتك ساخرة ونادرة وغير حقيقة حتى العظم. هذا ما قلته لنفسي وانا أخوض في وحل رحلتي الي نيويورك التي اخترت ان تكون على طيران الناقل الوطني: السعودية (حماسا له) (وليتني ما فعلت)! وذلك للحضور والمشاركة بورقة علمية في المؤتمر العالمي السنوي للجمعية العالمية للتربية المقارنة بدعم كريم من جامعة الملك سعود يوم السابع عشر من ابريل 2012.
لم أصدق ما يحدث فالفوضي في الخدمة كانت على أشدها؛ سواء في الرياض أو جدة حتى اضطر المسافرون حين وصلنا إلى جدة إلى الاتحاد مع بعضهم (بصيغة الربيع العربي) والبدء بدق البوابات بشكل جماعي لإخراجهم من المواقف المحرجة التي وضعت السعودية نفسها فيها.
المسافرون حرفيا اجتمعوا وبدأو الطرق الجماعي على زجاج الغرفة التي تم احتجازهم فيها بعد نزولهم من رحلتهم القادمة من الرياض والتي يفترض ألا يتم تغييرها والمستمرة إلى نيويورك. كان هناك المئات من الركاب من كل الجنسيات في هذه الغرفة الزجاجية التي تم احتجازنا فيها دونما اعلان؟؟؟؟؟!!!
هل يعني ذلك أي شيء للخطوط السعودية؟ لا أظن. فجهاز مهترئ كهذا لا يستحق أكثر من الإلغاء لعلاج مشكلاته المستميتة. بكل بساطة قام الموظف الذي احتج على قدومنا فجأة دون إعلامه - كركاب لرحلة دولية- باحتجاز الجميع في غرفة زجاجية لا منفذ لها سوى باب واحد.
بكل بساطة أقفل الباب وذهب ليرتاح في مكتبه!!.. كان هناك العشرات من النساء والأطفال الصغار والرضع الذين تحملهن امهاتهن على اذرعهن كون العربات قد تم وضعها مع العفش، كان هناك كبار السن والسعوديون من شبابنا الذاهبون إلى الولايات المتحدة لإكمال تعليمهم، والذين سيتذكرون هذا البلد فقط عند مغادرتهم له في هذه اللحظات البليدة القاتمة من عمره!
يجب أن يستمع المسئولون لكل الشتائم التي وجهها هؤلاء الشباب لأجهزة وطنهم التنفيذية حتى يستيقظ الجميع ويعرفون أن أنهارا من الاعتراض تجري تحت أقدامهم بالرغم من الصورة الذهبية التي ترسمها بعض الأبواق الإعلامية.
لم أملك إلا أن أطئطئ رأسي خجلا وأنفض الغضب عن نفسي بالتأكيد لنفسي أن قوى التنمية والتحديث أقوى من كل ذلك...؟ حينما انتفض الركاب وبحثوا عن مخرج بأنفسهم وجلبوا المسئول من الخارج تكرم وفتح الأبواب معتذرا بعدم التنسيق مع الرياض.
وكأن هذه الفوضى العامرة في الرياض أو عند النزول في جدة لم تكن كافية ليكون احدهم (؟؟ ماذا يمكن ان تنعته) فهو رجل أمن للأسف والذي كان في انتظارنا أيضا قبل الركوب للأتوبيس صعودا للطائرة والذي بدأ في ممارسات غير معقولة ضد رجل سعودي كبير في السن ليتطور الأمر بعد مشادة بينهم بان يقفل علينا (ومرة أخرى) الباب الزجاحي (والذي يبدو أن صغار موظفي السعودية يعرفون سره فيوصدونه حال شعورهم بالقلق دون أدني شعور بالمسئولية تجاه أي جدول أو طيران أو خطوط أو طائرات نكون مرتبطين بها في مطارات لاحقة!.)
ماذا فعل هذا الآخر؟ أقفل الباب رافضا ومعلنا أن لا أحد سيستقل الأتوبيس للطائرة التي لها أن تتأخر أو تحترق حتى يتم الاعتذار منه! فلا شأن له.. ولا أحد هناك لردعه.. لا مسئول من المطار ولا رئيس عمل ولا أحد سوى بعض صغار الموظفين ممن يحاولون استرضاءه (؟؟) (أخ: أعض على غيظي قبل أن ينفجر لهذا السلوك المريع الذي أفرزته ممارسات عقيمة مريضة تنضح بكل التخلف المهني والتعليمي الذي يمكن أن يحدث. سألت نفسي: لماذا يا وطني عليّ أن أقبل بذلك؟
سألت نفسي: لو أن أحداً من المهمين أو الحاشية أو العاملين معهم وفي مكاتبهم أو حتى دورهم و كان معنا على هذه الرحلة: هل سيحدث ما يحدث من مهازل يندى لها الجبين؟
لماذا يجب ان يكون لهم (الخاص) والخدمة الأكثر جودة وخصوصية بحيث لا يعرفون كيف تقدم الخدمات فعلا؟ كيف لشخص لم يعرف كيف ينهي إجراءاته مثل أي مواطن في مطار كهل مثل مطار الرياض ويقضي حاجاته في حمامات بدائية كحمامات مطار الرياض أو الجوف أو حائل أو أو.. أن يعرف حقيقة ما يجري؟
هذه هي المشكلة؟ المسئولون لهم خدماتهم الخاصة: لهم مطاراتهم ولهم مستشفياتهم وحتى الطرق يتم إغلاقها عند مرورهم حتى لا يقفوا في الزحمة.. وحين يعامل المسئول والذي يفترض أن يتخذ القرارات الخاصة بي وبك بهذا الشكل فكيف نفترض أن يفهم ما نريد، أو أن نعتقد أنه يمكن أن يتلمس حاجاتنا.
هناك مسافة شاسعة بين المواطن والمسئول في دولنا النامية مردّها أن المسئول يصدق نفسه ونمنحه بكل تراثنا الطوعي المبني على تمجيد المسؤول (مهما كان صغيراً) كل ما يحتاجه من خدمات وطاعة بحيث ينسي في لحظة تسلمه المنصب أنه جاء لخدمتنا، فتنقلب الصورة ونبدأ نحن المواطنين في خدمته!!
ألم تلاحظوا ذلك؟ في كل موقف رسمي.. في كل افتتاح.. في كل منتدى.. يهرع الناس صغاراً وكباراً وراء صاحب المنصب.. يقذفون بأنفسهم باستماتة لخدمته والابتسام له، فقط لأنه في المنصب متناسين أنه في المقعد المهم لأنه يجب أن يخدمهم ويسعي لرضائهم وليس العكس!
ماذا حدث لنا؟ أجيبوني ؟