مِن الأشكال الحضارية ذات المحتوى العميق مشاركة القطاعات الحكومية والخاصة اهتمامات الناس وصحتهم ومختلف همومهم. ولطالما نادى المخلصون بضرورة الشراكة الاجتماعية بين المسؤول والمواطن وكثيراً ما تنصلت القطاعات المختلفة عن القيام بهذا الدور الفعّال.
يبهرني قطاع حرس الحدود في وزارة الداخلية بحرصه على توعية الناس والقرب منهم برغم مسؤوليته الأمنية المنحصرة بحراسة حدود المملكة، وهي مسؤولية جسيمة. إلا أن هذا القطاع في السنوات الأخيرة تجاوز دوره الأمني إلى أدوار اجتماعية غاية في الرقي الحضاري لاسيما ما يختص بالتوعية والإرشاد. فحرس الحدود في القطاعات الشرقية والغربية يساهم باقتدار بتوعية الناس (مرتادي البحر) بمخاطره خصوصاً الأطفال ومن لا يجيدون السباحة، فضلاً عن قيامه بإنقاذ القوارب العالقة بالبحر، وأنشأ لذلك لجاناً تثقيفية رسمية وتطوعية تقوم بدور حيوي.
ما سرني هو قيام مركز الأمير محمد بن نايف الطبي التابع لحرس الحدود بعقد محاضرات عامة ضمن حملة هدفها تثقيف المجتمع، وكان لي شرف الحضور للمركز والاستماع والمشاركة في محاضرة عن سرطان الثدي تزامناً مع يومه العالمي. وما ضاعف سعادتي هو اهتمام مدير عام حرس الحدود الفريق زميم السواط بتدشين الحملة شخصياً والاطلاع على الترتيبات لها.
ولأن هذا المرض الخبيث يختص بالمرأة تحديداً فقد سعدت باهتمام قطاع أمني حدودي به. وما أرجوه استمرار تلك الشراكة بين المجتمع وهذا القطاع دوماً، سواء فيما يتعلق بالأمور الصحية أو الاجتماعية وتلمس احتياجات الناس.
الجميل في المحاضرة التوعوية أنها لم تقتصر على عرض أو سرد مسببات سرطان الثدي وتطوره وأساليب الفحص وطرق علاجه وطرح الأسئلة فحسب؛ بل إنها كانت حميمية راعت الجانب الحساس للمرأة والذي يشغلها كثيراً في ظل انتشاره وتوغله. وكانت المفاجأة أن المركز سيقوم بالفحص المجاني لجميع الحاضرات وحتى من غير منسوبي حرس الحدود من خلال توزيع استمارات ليست لتقييم المحاضرة كالعادة بل لحجز موعد مؤكد للكشف عبر جهاز الميموغرام الأحدث على المستوى الطبي.
ولأن المحاضرة قد حققت أهدافها توعوياً وعملياً فإنها تستحق الإشادة سواء باهتمام حرس الحدود أو مركز الأمير محمد الطبي الذي لم يمضِ على افتتاحه إلا عام واحد في حي السلام شرق مدينة الرياض!!
ولعلها فرصة أن أناشد المسؤولين بتوسيع دور المركز التوعوي ليكون مركز إشعاع صحي واجتماعي لهذا الحي وجميع سكان الرياض، لاسيما أنه يملك الكفاءات البشرية الوطنية والصديقة، والإمكانيات المادية الضخمة بالمبنى الجميل المتكامل التخصصات، والأجهزة الحديثة.
وإني لأتمنى أن تدب غيرة العطاء لمراكز حكومية أو خاصة لنفع الأمة، وتقديم الخدمات بسخاء يد وكرم نفس، فخير الناس أنفعهم للناس!!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny