غيَّب الموت الأخ والزميل الأستاذ سليمان بن محمد العيسى، ولا اعتراض على حكم الله؛ فكلنا على هذا الطريق سائرون. وبرحيل الأستاذ سليمان - يرحمه الله - هوى نجم كان ساطعاً ومتألقاً في سماء (الكلمة) السعودية، سواء كانت مقروءةً أو مسموعة. فقد امتلك - رحمه الله - في بداية حياته الإعلامية قلماً صحفياً سيّالاً، أثرى بمداده الصحافة السعودية، ولاسيما في مجال الصحافة الاجتماعية. ولم يتوقف ذلك الفارس عند هذا الحد؛ فقرَّر خوض غمار الشاشة الفضية فامتطى صهوة المايكروفون، وعانق عدسة الكاميرا، فقدم مئات الساعات التلفزيونية من خلال تقديم النشرات الإخبارية والندوات التلفزيونية المتخصصة مع كبار المسؤولين في الدولة, وانتهاءً ببرنامجه الشهير (مع الناس) الذي كان بمنزلة تقرير أسبوعي عن سير العمل في الأجهزة الحكومية ومدى رضا المواطن عن أداء تلك الأجهزة؛ ليتشرف في آخر محطاته الإعلامية بأن يكون مذيع (الديوان الملكي) الوحيد وبلا منازع، وما كان لينفرد بهذا الشرف لو لم يكن أهلاً لذلك.
والفقيد هو أول رئيس مباشر لكاتب هذه السطور المتواضعة، وذلك بعد تخرجي من الجامعة عام 1406هـ، وتعييني على وظيفة مذيع بالقناة الأولى. وأستذكر - وبكل أمانة - أنه - رحمه الله - كان نِعْم الرئيس؛ فقد كان عفيف اللسان سمحاً لطيفاً كبيراً في تصرفاته، لا ينهر الموظف، ولا يهدد من يقصر بحسم أو خصم، وإنما كان أخاً موجِّهاً وبأسلوب راقٍ ومهذب، يجبرك على الاحترام والتفاني في العمل، ولا غرابة في ذلك؛ فهو ينتسب إلى عائلة كريمة، والفرع الكريم يعود إلى الأصل الكريم.
رحم الله أبا محمد رحمةً واسعة، وألهم أسرته ومحبيه الصبر والسلوان.
الملحق التجاري السعودي في نيودلهي
الإيميل: msalihalrashid@yahoo.com