عرفت الأستاذ الفاضل إبراهيم بن عبد الرحمن الداود (أبو عبد الرحمن) منذ أكثر ثلاثين عاماً.. وكان مديراً لمكتب صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز عندما كان نائباً لوزير الداخلية.. وكان شعلة نشاط وعطاء غير محدودين.. يتعامل مع موظفي الوزارة كإخوانه وأبنائه، بالنُّصح والإرشاد وضبط النفس في حال الاختلاف، ومعلماً لضروب وأفانين التفاني والصبر على تحمُّل المسئولية..
كما كان يتعامل مع المراجعين بروح عالية، وتفهُّم كبير، وإحساس بذوي الحاجة وممن يرغبون مقابلة سمو الأمير.. في مجلسه..
كان إبراهيم مثالاً للوطني المحب لبلاده.. ذلك أنه ساعد الكثير ممن يود إكمال دراسته العليا من الشباب آنذاك وأنا واحد منهم.. يحثّهم على متابعة المستجدات وإجادة اللغة الإنجليزية والتعامل مع معطيات العصر والتماهي مع متطلّباته.
.. ربما لا يصدقني القارئ إذا قلت إنّ إبراهيم الداود، الذي أشرف على مكتب وزير الداخلية قرابة أربعين عاماً، يؤدي عمله (واقفاً)، لا أتذكّر أنني رأيته جالساً على مقعده.. محاصراً بالتليفونات والأوراق والمراجعين من المواطنين والموظفين والزوار.
.. كان أبو عبد الرحمن مدرسة إدارية فذّة.. ورجلاً نبيلاً قدّم ولا يزال يقدّم لوطنه كل ما يستطيع من عطاء.. وهو الرجل الكريم الذي فتح بيته ومجلسه لكلِّ من أراد أن يقابله.. كما فتح مكتبه وقلبه لكلِّ الناس..
.. إنّ إبراهيم الداود لا يحب ضجيج وسائل الإعلام، والمقابلات الصحفية وإضاءات الكاميرات.. يعمل بصمت ما يقارب نصف قرن من الزمان.. ولم يتغيّر رغم ما أعطاه الله من الخير الكثير والمنصب والجاه.. تراه يرفق بكبار السن متشحاً بابتسامة ملؤها الحنان والرأفة بمن قادته الظروف لمراجعة الأمير..
له مواقف عديدة لا يتسع المجال لذكرها.. تستدعيها الذاكرة التي اختزنت ذكريات أكثر من ثلاثين عاماً في ردهات الوزارة وفي مكتب الوزير.. سواء في الرياض أو في جدة.. أو مكة المكرمة.
إنّ إبراهيم إنموذج للرجل المعطاء لبلاده، وعندما سمعت بترقيته للمرتبة الممتازة.. عرفت أنه لا يصح إلاّ الصحيح.. فإبراهيم من كبار رجالات الإدارة في بلادنا.. ويستحق ما حصل عليه بكل جدارة.. وأتمنى له التوفيق في حياته وفي آخرته.. مهنئاً إيّاه بتقدير ولاة الأمر له.. وسائلاً المولى أن يجزيه عني وعن الكثيرين خير الجزاء.