يبدو أن المجتمع العربي قد فاض بعلمائه، ومنجزاته، ومتعلميه، ومربيه، واقتصادييه، و, و, ولم يعد بحاجة إلا للمغنين، وذوي الأصوات البلبلية، بل الأجمل في العندلة من البلابل، والأعذب في الشدو من الكناري، والأحن في البوح من عصافير الحب..!!
لذا ترصد المزيد من الميزانيات لاستقطاب الشباب من الجنسين على حسابها، وتعطل لشهور جداول الأعمال لمشاهير المطربين فيها، والمطربات، والموسيقيين لاستقبال «مواهب» أصوات شباب الأمة، تستنفر لهم طاقات المصممين, والمدربين, والمصففين، والمنسقين، والفنيين، وصالات الموسيقى، وأماكن الإقامة، وتذاكر السفر، ربما لأن الأمة كلها في ظنها، خليةً من الغناء والمغنين، فقيرة للأصوات والحناجر، أو لأنها الأمة الوحيدة التي تستيقظ على أغنية، وتنام على أخرى..!! وتحتاج إلى تغذية مستديمة لهذا..!!!
إن قناة الـ (M.B.C) لا تفعل خيراً في ذرها مزيداً من التخدير لمهارات، وتوجهات، وقدرات, ومواهب الشباب العربي.. بل المسلم.. إن كان لهذه الصفة الرونق الجميل، مع أنه بهت في صدور الأكثرية..!, لا تفعل حسنا وهي توظف هذا الكم الذي لا يحصى من المال, وتبذل الكم الذي لا يحصى من الجهد، وتبدد الكم الذي لا يحصى من الوقت، في سبيل المفاخرة ببث عناصر المغنين, والمغنيات في مجتمعات الأمة التي يموت صغارها حصد الأسلحة، والقتل والإبادة في كثير من شعوبها المنكوبة، وتموت فيها كثير من الأرواح جوعاً، ويتوه الأكثر منها جهلاً، وتورطاً في الخلاف، والاختلاف، ومزالق التمزُّق، وتضيع الكثير فيها من الهمم الحافرة في صخور لإصلاح الرتوق في أبنيتها.
عجيب أن لا تتوجه بكل هذه الإمكانات المادية، والطموحات المقتدِرة إلا نحو إعداد جيش من المغنين, لينزلوا الساحات، ويركضوا في المضامير, لينشروا رسالة التيه.. ويعززوا العميق من الخواء..!
أما كان الأجدى بهذه القناة دفع هذه الملايين لمزيد من الإصلاح، وإسعاد العيون الباكية، والقلوب الحزينة، والعقول الأمية، والبائسين في خضم إعصارات الشتات العام الذي يلف أجيال أمة تعيش على «كنَّا»، وتقارن نفسها بمن «تخطوا»، وتطمح في حياة أوسع فرصاً للكرامة، والسلام, والنجاح..؟
هذه هي الرسالة المسؤولة عنها وسائل الإعلام المرئية.., وليست الخاطئة التي يوجهونها في خاصرة الأمة..!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855