بدأت تظهر هذه الأيام مخيمات بيضاء على بعض مسارات الطرق السريعة هي (مدن الحجاج)، وهي تسمية غير دقيقة لمحطات أو معسكرات الحجاج, لأنها لا تتفق مع مسمى مدينة...
كانت هذه المخيمات ذات الخيام البيضاء وغرف الصفيح معسكرات للحجاج، وكانت تعج بجميع جنسيات الحجيج، وتتحول إلى أسواق لبيع السجاد والزل والملابس الصوفية والتقليدية التي مصدرها إيران ووسط آسيا وتركيا والخليج العربي والقارة الهندية. هي سوق موسمي عامر يبدأ قبل الحج ويتوقف بعد موسم الحج، ومدته تتجاوز 3 أشهر. هذا في التاريخ الحديث، والجيل الذي ولد في السبعينات والثمانينات الهجرية يذكر هذه الأسواق ومخيمات الحجاج. وفي الرياض على سبيل المثال كان مركزهم في البطحاء والغرابي والشمسية ثم انتقلوا إلى طريق خريص واختفت بعدها أسواق الحجاج بالرياض.
وفي التاريخ العربي القديم شكلت الكعبة المشرفة بمكة المكرمة قبل الإسلام مركزاً استيطانياً وجذباً سكانياً ومزاراً لجميع القبائل العربية, وأدى ذلك إلى نشؤ مستوطنات صغيرة على معظم طرق الجزيرة العربية المؤدية إلى مكة.
وبعد الانتشار الإسلامي تحولت المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى مناطق جذب سنوي وملتقى لجميع الشعوب من أجل تأدية مناسك الحج والعمرة وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما تحولت المستوطنات الصغيرة إلى مدن كبيرة ونشأت محطات جديدة على الطرق لخدمة حجاج دول شرق العالم الإسلامي وشماله وغرب العالم الإسلامي بالإضافة إلى دول الجنوب... وأنشأت مستوطنات جديدة هي الآن عواصم للمناطق ومدن رئيسة، ووضع داخلها مخيمات أطلق عليها اسم مدينة الحجاج. لكن الواقع الحالي مختلف، فالمدن لا تتناسب والخدمة المقدمة للحجاج لأنها معسكرات طارئة لا تلقى الاهتمام والرعاية من إمارات المناطق وقطاع الخدمات باعتبارها مخيمات مؤقتة, فلماذا لا يعاد النظر فيها وتحويلها إلى مدينة دائمة للحجاج والزوار والمسافرين تضم أماكن للإيواء وتزود بمراكز للبلدية والهلال الأحمر وأمن الطرق ومحطات البنزين وساحات للبيع ومطاعم وحدائق ومرافق عامة خاصة على الطريق الدولي: الأردن -الجوف -حائل -القصيم المدينة- المنورة -مكة المكرمة، وطريق الساحل الشمالي والجنوبي إلى مكة المكرمة وطريق الشرقية الرياض الطائف. فالحج والعمرة هما أحد مصادر الاقتصاد المحلي ومجتمعات تلك المدن, كما أن العمرة والزيارة تُعَدَّان مفتوحتين طوال العام, وأيضاً تلبي هذه المدن (مدن الحجاج الجديدة) احتياجات الحجاج وتغذي الاقتصاد المحلي أذا قدمت خدمات راقية ونوعية.