عذراً تالا لقد أتخمنا بيوتنا بعناصر غريبة لا تعرف معنى للوفاء، ولا تقدر العشرة ولا تفهم معنى الإنسانية.
نحن الذين أخطأنا وخطؤنا مستمر باعتمادنا عليهم حتى أصبحوا المدير والمفكر والمدبر للمنزل، تقاعسنا عن أداء واجباتنا المنزلية والأسرية والوالدية واستسهلنا إيكال المهمات وتجاهلنا البوادر والنذر والمؤشرات فكانت النتائج كارثية لم تتصورها عقولنا البسيطة التي سلمتهم المفاتيح بكل رضى وسرور.
عذراً تالا كيف نسامح أنفسنا،كيف نصلح الخطأ وكيف نسترجع الماضي وهل ينفع الندم. لم نكن كذلك سابقاً كنا نعيش بأمان وباكتفاء ذاتي لا نستقدم ولا نتكبد تكاليف هذا الاستقدام، ولا نستخرج تأشيرات ولا ندفع رواتب ولا نقلق حول من أكل ومن شرب ومن لبس ومن لم يلبس ومن خرج من البيت ومن أغلق الباب سوى من أفراد العائلة، ثم يغلق الباب وينام الجميع في وقت مبكر ويستيقظون مبكراً على صوت الأم الحانية التي توقظ الجميع وإذا بالملابس جاهزة للارتداء وبالفطور الصغير معد وبكل يسر وسهولة وبساطة يذهب الأبناء والبنات إلى مدارسهم إما مشياً أو يأخذهم والدهم أو والدتهم إليها.
تغير كل هذا وأصبحنا نكل جميع هذه الأمور إليهم، استقدمناهم واعتقدنا أن المعاصرة والتطور هو في هذا الاستخدام وفي التفرغ للراحة والكسل. وخرجت الأم إلى الوظيفة والعمل فاحتاجت إلى من يرعى الأبناء في غيابها، بادئ الأمر استقدمناهم لقلة التكاليف والرواتب الشهرية واعتقدنا أنهم أهل لحفظ الأطفال، ولكن هذا لم يستمر فقد ارتفعت التكاليف والرواتب ارتفاعاً كبيراً وتغيرت المعاملة تغيراً ملحوظاً فخرجت الحكايات والقصص منها ما روي ومنها ما لم يرو، وأخذوا يُملون شروطهم وأصبحوا يرفضون العناية بالأطفال ويرفضون أنواعاً من العمل إن لم يرفضوا العمل بتاتاً، ولم نجد من يقف في وجه هذه الاشتراطات وهذا الارتفاع، ومع ذلك فقد رضي من هو محتاج إليهم واستمر الاستقدام، وخلال تلك السنوات ارتفع سقف مشاكلهم بشكل كبير، وارتفعت معدلات هروبهم وأصبحوا يبتكرون طرقاً وأساليب لم نعهدها لتنفيذ ما يريدون دون تفكير في رادع من قانون أو نظام أو صلة أو قيم، فوقعت الفأس في الرأس مرة ومرتين وثلاثا وأكثر. عذراً تالا لم نكن نعلم أننا باعتمادنا على غيرنا سنعرضك أنت وغيرك من آلاف الأطفال لهذا المصير المؤلم سامحينا سامحينا وآخر دعوانا أن يحفظ الله أبناءنا وبناتنا ومجتمعنا من كل شر ومكروه، وعلى الله الاتكال.