هل كانت الجماعة التي تحكم إيران وتزعم أنها تلتزم بمبادئ الإسلام بحاجة لانتهاج أساليب وخطط لا تمت لهذا الدين القويم الذي جاء لنشر العدالة والقيم السامية والأخلاق ومنع إيذاء من يعيش على الأرض، هل من الإسلام أن يقدم حكام طهران على تصدير الفتن والتدخل في الشئون الداخلية للدول لإثارة المشاكل وتقسيم المجتمعات ونشر الكراهية، والتي تدفع تلك المجتمعات إلى التناحر والاقتتال، وبعملهم هذا خالفوا ما حذَّر منه الإسلام، وهو ما جاء في القرآن الكريم كقول الله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} (191) سورة البقرة، وقوله: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} (217) سورة البقرة، ويقول الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - في حديث صحيح: (لزوال الدنيا أهونُ عند الله من قتل رجل مسلم). رواه النسائي في سننه.
هذا التحذير الشديد من نشر الفتن التي تقود المجتمعات إلى تفشي القتل بين أبنائها، التزم به المسلمون الخاصة والعامة، فكيف يقوم به نظام ينسب نفسه للإسلام، فنظام طهران وكل الذين لهم علاقة به ويروّجون له، بنشره للفتن وإشاعة الكراهية والتنابذ بين المذاهب والطوائف يُوسع الفرقة ويؤدي حتماً إلى الاقتتال، وهذا ما حصل في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين، كل هذا من أجل تحقيق مصلحة دنيوية زائلة، وإذا كانت بعض الأنظمة في كثير من الدول تعتمد أسلوب (الغاية تبرر الوسيلة)، فإن الأنظمة الملتزمة والتي تؤكد أنها تسير على هدي الإسلام لا يجب أن تنجرف وتنحرف عن مبادئ الإسلام الواضحة في هذا الصدد.
وإذا كان الإسلام قد انتشر في أصقاع العالم بالعمل الصالح والقدوة الحسنة وهو ما جعل الأمم تُقبل على الإسلام والدخول في نعيمه، فتأتي أنظمة تزعم التزامها بهذا الدين القويم وتعمل على نشر الكراهية والفرقة وتصدير الفتن إلى المجتمعات المسالمة الهادئة فتحيل حياتها إلى جحيم وحروب دامية وتقسم البلد الواحد إلى أكثر من فئة تُحارب الواحدة منها الأخرى، وهو ما يعيشه الآن العراق ولبنان واليمن والبحرين، وجميع هذه الدول تشتكي من تدخل ملالي إيران في شؤونهم الداخلية من أجل إقامة نفوذهم وبسط سيطرتهم على هذه الدول.
هذه الأعمال والأساليب المرفوضة جعلت الكثير من أبناء هذه الدول ودول أخرى تنظر بعين الشك والنفور لهذا النظام وتتوجَّس من التعامل مع كل إيراني، رغم أن الشعوب الإيرانية متضررة مثل غيرهم من الذين يريدون الهيمنة عليهم.
نظام ملالي إيران وبدلاً من العودة إلى جادة الحق وإلى طريق الإسلام الواضح والتعامل بالحسنى وفق القيم الإسلامية، يبحثون عن أساليب وطرق لإيذاء الدول المجاورة لبلادهم التي ابتلاها الله بهؤلاء الحكام الذين يضعون مصالحهم الذاتية الدنيوية في مقدمة اهتماماتهم ويتجاوزون المحاذير الإسلامية التي تمنع إيذاء الآخرين وبخاصة الجار، فالجيرة الحسنة إحدى المرتكزات الأساسية لدى المسلمين، في حين يتفنن ملالي طهران في ابتداع أساليب جديدة لإيذاء الجيران وآخرها ما كُشِفَ عن وجود خطة إيرانية لتلويث مياه الخليج العربي لوقف الملاحة ومعاقبة دول الخليج العربية التي يريد حكام طهران من دوله وقادته وأهله مجاراتهم في أعمالهم الشريرة من تصدير الفتن ودعم الإرهاب وفرض العنصرية والمذهبية المقيتة.
jaser@al-jazirah.com.sa