عندما يطل الخطر من جهة ما، فإن التحذير منه بطريقة لا تراعي الأبعاد النفسية والعقلية، لا يعني أن الخطر انتهى إنما هي قوة دافعة تسرّع الوصول إليه، كمن يحاول إخماد النار بالأوكسجين، وفجأة يجد نفسه أمام انفجار هائل.
وفكرة وضع الصور الصادمة والمقزّزة على علب السجائر مع عبارات تحذيرية خطوة عالمية لم تراع قوانين العقل وخطورة الإيحاء بالكلمة والصورة، رغم أن الهدف من ذلك هو مساعدة المدخن ليقلع عن التدخين، إلا أنه بالطريقة التي تقود لمصيبة أعظم سنتحدث عنها.
الإيحاء كما يعرّفه الدكتور جوزيف ميرفي: “عملية عقلية يقبل الشخص من خلالها الفكرة التي أُوحيت إليه ويضعها موضع التنفيذ” وتلك الصورة والعبارات من مصادر الإيحاء التي سيقرأها ويراها المدخن مع كل سيجارة يدخنها، عشرين مرة مع كل علبة، ومن ثم ماذا يحدث؟
يأتي دور العقل بقانونه الذي يقول: “إنك سوف تحصل على استجابة أو ردة فعل من عقلك الباطن وفق الفكرة التي تحتفظ بها في عقلك الواعي”.
وما هي تلك الأفكار التي يحتفظ بها عقل المدخن بعد أن رددها صوتاً وصورةً بما يكفي لأن تكون فكرة! وللعالم أن يتخيل استجابة الجسد لمثل تلك الأفكار، وكيف سيكون كل مدخن عرضة لتفجير نفسه بنفسه بصمت قاتل، وتدمير خلايا جسده، حسب الصورة المتكررة في ذهنه.
وصاحب الفكرة لم يأخذ في اعتباره الأبعاد النفسية وقوانين العقل البشري، ويمكن اعتبارها جريمة في حق المدخن، تنفذ ببطء شديد وتقتله أخيراً، ويمكن للمهتمين وضع إحصاءات دقيقة على مدى السنوات القادمة، لمعرفة أثر الصور والعبارات والتي أكاد أجزم أنها ستكون صادمة.
كان ولا يزال من الممكن عكس العملية كلياً، من خلال كلمات تُصاغ باحترافية العارف بقوة الإيحاء، واختيار صور تحاكي المكاسب الصحية والمادية والنفسية للإقلاع عن التدخين، وعناوين العيادات المتخصصة لمساعدة المدخن، كل ذلك يكون تحت إشراف مختصين وليس مجتهدين.
amal.f33@hotmail.com