|
نيويورك - عبدالمحسن المطيري:
تردي الأفلام في السينما الأمريكية في السنوات الخمس الأخيرة أصبح ظاهرة مزعجة بحيث نجد أن غالبية الإنتاج السينمائي الأمريكي أصبح مكررا وساذجا لدرجة لا تطاق.
ولهذا تتميز بشكل واضح الأفلام المكتوبة بعمق وذكاء، مع إخراج وأداء ترفع من مستوى الفيلم. وبالطبع إخراج فني بجهد واضح وغير «مسلوق» كما نجد في غالبية الأفلام الأمريكية.
فيلم (The Master) من النماذج السينمائية المتميزة هذا العام. يحكي الفيلم قصة جندي أمريكي يعاني من مشاكل صحية وجسدية متعلقة بإدمانه على الكحول، وتصرفات عدوانية تجاه الآخرين.
شخصية (فريدي) لديها أيضاً ما يُسمى اضطراب الكرب التالي أو (Posttraumatic stress disorder) وهو يحدث لأشخاص صادفوا صدمات نفسية عنيفة في مراحل مبكرة في حياتهم، ثم ترتبط الصدمة معهم لوقت طويل.
يتم احتواء (فريدي)عن طريق دكتور (لينكاستر) وهو متخصص في علاج مثل هذه الحالات بالسفر بالمريض عبر الزمن الماضي والمستقبلي واكتشاف مناطق الضعف والقوة لديه، بالإضافة إلى المواجهات الصريحة بينه وبين المريض، على عكس بعض الاستراتيجيات المعتمدة لدى بعض أطباء علم النفس التي تعتمد على أسلوب الحوارات المثالية.
هناك اعتماد كبير على الحوار في الفيلم، ستشاهد أيضا مشاهد صادمة بعض الشيء، حيث يوجد العديد من المشاهد المؤلمة للمشاهد خصوصا من الناحية الساكلوجية.
تعقيد وغرابة في بناء الشخصيات ولكنها ممتعة بلا شك. هناك أيضا تلاعب زمني في السيناريو قد يشتت الانتباه أحياناً لمجريات الفيلم لذا يجب التركيز أثناء المشاهدة. العلاقة بين (فريدي) والدكتور (لينكاستر) هي نقطة القوة التي رفعت من فنية الفيلم، ميزة أخرى ميزت سيناريو الفيلم وهي الهبوط والصعود في شخصيات الفيلم حيث نجد بعض الشخصيات تعاني كثيراً، وأخرى ناجحة بشكل واضح ثم فجأة يحدث العكس.
منذ سنوات لم تقدم السينما الأمريكية فيلماً بهذا العمق الفني والبناء المثالي والواقعي للشخصيات، أداء فني إخراجي هو الأفضل حتى الآن، ويبرز مرة أخرى نجم المخرج الفريد من نوعه بول توماس آندرسون الذي كتب السيناريو أيضاً في عمل قريب لحد كبير لفيلمه العظيم الآخر (Magnolia)، بالإضافة إلى أن هناك لمسات في بناء الشخصيات في فيلمه هذا مع فيلمه الجبار (There Will Be Blood).
ويبدو قريبا من أوسكار هذا العام خصوصا لفئة أفضل سيناريو وأفضل إخراج، بل أعتقد أن نجما الفيلم الرئيسيان فليب سيمور هوفمان وخواكين فيونكس ضمنا لحد كبير الترشح لأوسكار أفضل ممثل رئيسي. مع اقتراب خواكين من خطف الجائزة نظراً لأدائه المعقد والعميق في هذا الفيلم، خصوصا أن فليب سمور هوفمان سبق أن نال الأوسكار من قبل.
أحد أفضل أفلام العقد الحالي، وأفضل فيلم في العام بلا منافسة، يستحق الدرجة الكاملة بلا أدنى شك. آمي ادمز كعادتها تقدم دوراً عميقاً ورائعاً ولكن بلا شك ليس أكثر نجومية من فيليب وخواكين ومن خلفهم آندرسون.