إنّ الهدف من التربية والتعليم تحقيق نمو الطالب في المعارف والمهارات وإعداده لفهم الحياة وإيجاد المواطن الصالح لحياة كريمة ومستقبل أفضل، ولقد أصبحت التربية علماً قائماً بذاته، وأضحت أكثر بلدان العالم تولي ذلك اهتماماً وعناية، كما أنّ أغلب الجامعات خصصت كليات للتربية فيها، وفي السنوات الأخيرة صار الاهتمام أشد وأقوى لدى الكثير من البلدان وخاصة ما يسمّى بالبلدان النامية، إذ تعتبر أنّ مشكلة التربية تكمن في بناء المجتمع المتطوّر، كما أنّ تعميم التربية ونشرها مسؤولية كبيرة بقصد تربية الأجيال الصاعدة، ولاشك أنّ التربية القويمة هي عماد تقدم الأمم وتربية الأجيال الناشئة لحياة أفضل ومستقبل أكثر إشراقاً أملاً في نهضة تواجه تحديات المستقبل.
ولكي نحقق هذا الهدف، فلابد أن نوفر المربين الصالحين الذين يأخذون على عاتقهم مسئولية بناء وتكوين رجال الغد، باعتبارهم القاعدة الأساسية التي يرتكز عليها التعليم وحجر الزاوية في عملية التربية والتعليم. والواقع أنّ مهمة المربي جليلة ورسالته عظيمة وتتضاعف مع الأيام قوة وحيوية، فهي مهنة روحية جليلة تسهم في تطوير المجتمع وتقدمه، فكل جيل يحتاج إلى التربية السليمة لينشأ نشأة صالحة، ومعنى ذلك أننا بحاجة دائمة إلى مربين يسايرون موكب التقدم والرقي، ولكي يتم ذلك، فلابد من اعتبار وظيفة التربية من أسمى الوظائف وأجلّها وتشجيع الإقبال على أقسام التربية وكلياتها.
ولذا تبدو أهمية التوجيه في هذا الميدان من قِبل المفكرين والعلماء والمربين، والإشادة بدورهم وفضل العمل والمعلم، مع التوعية الدائمة في ذلك. وتحقيق الأهداف الحقيقية للتربية وأغراضها وغاياتها السامية نحو غرس القيم والمثل الكريمة، في تكوين الاتجاهات الإيجابية والمهارات العلمية والأخلاق والطموحات، وكافة الأنشطة الحياتية التي يقوم بها الإنسان، ولكي تكون الأهداف واضحة ومجالاً خصباً تنشأ منه الثمرات الطيبة.
ومن المعلوم أنّ هناك فروقاً في الاستعدادات والذكاء والقدرات الذهنية، ولذا فإنّ كليات التربية خير وسيلة لتطوير تلك المواهب وفق الأهداف التربوية للوصول إلى ثقافة عامة ومتخصصة وتفتح دائماً لكل ما يستجد من تطورات العلوم والفنون والظروف والأحوال، بل واحتياجات الحياة وتطلعات المجتمع، وهنا تبرز أهمية البحوث التربوية ودورها في رفع مستوى التلاميذ العلمي وتطوير المناهج وإعداد المعلمين وتطوير معارفهم وخبراتهم لتخريج مجموعة صالحة من المربين والمعلمين يتولّون العمل التربوي والمسؤوليات التعليمية بكل أمانة وإخلاص وإيمان وحماس، ويدفعهم إلى ذلك حبهم لوطنهم ومواطنيهم ورفع مستوى بلادهم علمياً وثقافياً، والبحث باستمرار عن أفضل الوسائل التربوية والتعليمية. إننا نريد تربية أجيالنا تربية إسلامية مقترنة بالعمل وحب الابتكار وحب القراءة والإخلاص وتحقيق الذات وإيجاد المواطن الصالح وغرس الفضائل في نفسه، والكشف عن استعداداته وميوله، والإسهام في تطوير النظم التربوية وتحديد المشكلات التربوية، وغيرها، مما ينبغي أن تهتم به كليات التربية المتخصصة، ويكون لها الدور الفعال في هذا الاتجاه .. حقق الله الآمال وسدد على طريق الخير كل الخطى.
عضو جمعية التاريخ بجامعات دول مجلس التعاون
باحث في أدب الرحلات