في ظل تزايد حدة التوتر في المنطقة، أطلق حزب الله قبل أيام طائرة من دون طيار في المجال الجوي للأراضي المحتلة من قبل إسرائيل، وهو ما يعني: تعريضا حقيقيا للأمن الوطني اللبناني، باعتبار تلك المغامرة العبثية خروجا عن سياسة الدولة في إطارها العام، ومحاولة للتفريط بقراراتها، عند ما يلغي فرضية وجودها.
لعبة حزب الله مكشوفة بشدة هذه المرة، وما حدث في هذا الوقت المشبوه، لا يخرج عن كونه إراحة للنظام السوري في أزمته المتفاقمة، الذي ظل يمثل إلى وقت قريب، حجر الزاوية في تسليح حزب الله، وتمويله. وهي أيضا رسالة إيرانية دفاعا عن الملف النووي الإيراني، واستباقا لقرار دولي بمعاقبة إيران، وبالتالي سيمنح النظامين الإيراني والسوري فرصة؛ لترتيب أوراقهما، ومحاولة فرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي. الأمر الذي يجعلنا نؤكد: على ضرورة كبح ارتجال الأصوليات المسلّمة؛ حفاظا على البعد المستقبلي لعملية تحريك الجبهة الداخلية اللبنانية.
لا يختلف عاقلان، على أن الوضع اللبناني أصبح معقدا، فلبنان ليس بحاجة إلى اختبار الدفاعات الجوية الإسرائيلية، فرد الفعل الإسرائيلي سيكون حازما؛ من أجل الدفاع عن الأراضي التي يحتلها؛ لكننا بحاجة إلى إقرار إستراتيجية دفاعية تحت تقلبات المغامرات المشبوهة، وترك مسألة حماية الوطن بيد الجيش اللبناني وحده، الذي يعتبر حقا مشروعا، لا سيما بعد تورط حزب الله في الاضطرابات الإقليمية، وامتلاكه ترسانة إيرانية هائلة من الأسلحة المتطورة. وهو نفسه الخطأ التكتيكي الذي يتكرر في تسرعه غير المدروس؛ لتحريك الجبهة اللبنانية على الحدود مع إسرائيل.
كان على حزب الله تقدير الظروف التي تمر بها المنطقة، من خلال العمل على سد ذرائع الاعتداء على لبنان، وتعزيز الإبقاء على شبكة الأمان السياسية الداعمة للبنان في وجه الأطماع الإسرائيلية. فمصلحة الحزب تكمن في تجاوز انعكاسات كل ما يجري على الصعيد الإقليمي؛ حتى لا تؤثر بشكل، أو بآخر على الداخل اللبناني، إلا أن الواقع مع الأسف يشهد بأن حزب الله، يمثل ذراعا حقيقيا لطهران في لبنان، وفي محيطه، بعد أن ساهمت إيران في تأسيسه، ودعمه بكل وسائل القوة.
drsasq@gmail.com