تختلف العقليات بحسب الوعي والإدراك للأمور، فالقصور العقلي أجارنا الله وإياكم منه يوحي لأصحابه غالبا أنهم أحكم الناس وأكثرهم دراية وفطنة ووزنا لكل شيء، والحقيقة أن من يرى ذلك في نفسه إنما يؤكد لغيره بوضوح أنه سطحي التفكير إذ الحكم بالحكمة ليست من اختصاص مدعيها بل هي من مهمة الذين يرونه ويتعاملون معه ويمنحونه ذلك الوسام، فالحكماء والعقلاء تنتفي عنهم تلك الصفات إذا زعموا هم أنهم كذلك.

ومن العيوب الواضحة في تصرفات هؤلاء المساكين الذين يستحقون الأسى والتحسر على ذلك المستوى المتدني من العقل والخواء الفكري أن التعميم الجائر والجاهل بالسلبية أو البخل أو وضاعة الأصل حيال فئة أو جماعة أو منطقة أو شعب سمة واضحة لا تحتاج إلى إثبات أو إشارة فبمجرد الحديث العابر مع أحدهم تراها ظاهرة كاشمس في رابعة النهار.

ويحس أحدهم أنك إذا أثنيت على من يستحق الثناء والإشادة ووصفته بما هو أهل له دون مبالغة أو ادعاء وذكرت ما يشهد به كل منصف محايد إنما تأخذ جزءًا من حقه وتمنحه لمن لا يستحقه، وحينما تحاول تفسير مثل ذلك الاحتجاج الأعمى تدرك حينها أن الحسد والجهل والتخلف إذا تمكنت من أحد جرته إلى ما هو أسوأ من ذلك، وربما لا يقف الحسد عند ذلك بل قد يحاول أحدهم منع خير أن يصل إلى أحد أعاذنا الله من الحسد وأهله وشفى هؤلاء مما يعانون ليستطيعوا أن يروا الحق حقا ويتّبعوه.

وقفة لخلف بن هذال:

يالله يالي تغسل الأرض بالسيل

اغسل قلوب أهل الحسد من حسدها

وترد كيد أهل القلوب المغاليل

بنحورها وعن الوجود تحصدها

واجعل لنا من باب يسرك تساهيل

مدات جودك نستمد بمددها

بارك لنا بالمد والصاع والكيل

ونفوسنا عطها القناعة وزدها