الجزيرة - واس:

شكل قرب منطقة الباحة من مكة المكرمة، مردوداً اقتصادياً وتجارياً لها على مر العصور، إذ كانت تمثل قديماً سلة غذاء للعاصمة المقدسة, فضلاً عن كونها طريقاً لقوافل الحجاج القادمة من اليمن والمناطق الجنوبية للمملكة. وتبرز استفادة المنطقة في تصديرها للعديد من أنواع الحبوب والفواكه والمحاصيل الزراعية لمدينة مكة المكرمة خلال موسم الحج وطيلة أيام العام, علاوة على تصديرها للمواشي ومنتجات العسل والسمن التي تباع في مختلف الأسواق والمحلات التجارية. وعادة ما تحقق الكثير من المنتجات الزراعية التي يصادف حصادها موسم الحج مبيعات مرتفعة, حسبما ذكر المزارع غرم الله بن محمد الزهراني، صاحب إحدى مزارع الرمان بالمنطقة، حيث واكب حصادها موسم الحج لهذا العام حجم الطلب الكبير والارتفاع المضطرد في أسعار منتجات الرمان التي تصل في بعض الأيام للضعف, مشيراً إلى أنه يبيع مجمل محصوله في أسواق الطائف التي بدورها تنقله وتبيعه في العاصمة المقدسة. ولا يقتصر المردود التجاري والاقتصادي للمنطقة على المحاصيل والمنتجات الزراعية بل يتجاوزها إلى الصناعات الغذائية الحديثة التي تحقق الكثير من الفائدة لتجارها, حيث يؤكد في هذا الصدد رجل الأعمال محمد المعجباني، صاحب مصنع البسكويت والمعجنات، أن موسم الحج يمثل جزءاً كبيراً من مبيعات المصنع السنوية, كونه يزداد الطلب من قبل المخيمات على الفطائر والمعجنات التي عادة ما تقدم للحجاج في ليلة المبيت بمشعر مزدلفة. وبالعودة للفوائد الجمة التي كانت وما زالت تحققها المنطقة من مرور قوافل الحجاج بها, يبرز جلياً الطرق القديمة التي كان يمر بها حجاج بيت الله الحرام مثل طريق الحج اليمني الأعلى / النجدي / وطريق الحج اليمني السروي وطريق الحج اليمني القديم «درب الصدر» بينما تمر القوافل في يومنا هذا عبر عدة طرق من السراة وتهامة. وأدت حركة مرور القوافل في الذهاب والإياب واحتكاك أفرادها بالسكان المحليين إلى التوسع في الحركة العمرانية والنشاط التجاري وغيرها، الأمر الذي انعكس بالإيجاب على نواحي تطوير التخطيط المعماري للحواضر والزيادة المضطردة في الفعاليات الاقتصادية للمنطقة, كما أسهمت تلك القوافل وحملات الحج حالياً في التبادل التجاري لعدد من المنتجات التي تشتهر بها المنطقة مما عاد عليها بمردود اقتصادي. ونظراً لمرور تلك القوافل فإن العديد من الإدارات الحكومية بمنطقة الباحة تضع خطط سنوية لتيسير مور حجاج بيت الله الحرام، حيث وضعت شرطة المنطقة نقطتي تفتيش في السراة وتهامة للتأكد من الإجراءات النظامية للمركبات التي تنقل الحجاج, فيما جهزت صحة الباحة مستشفياتها ومراكزها الصحية لتطعيم الحجاج المارين والمقيمين في المنطقة. وتبقت الإشارة إلى أن منطقة الباحة التي تبعد عنها قرابة الـ 300 كيلو متر عن مكة المكرمة، تشارك سنوياً في موسم الحج من خلال الفرق الأمنية والصحية التي تنتدب للمشاعر, ومن خلال فرق الكشافة التي تشارك في خدمة حجاج بيت الله الحرام, فضلاً عن مشاركتها في إصدار تصاريح الحج للسعوديين والمقيمين عبر إدارتي الأحوال المدنية والجوازات.