بعيداً عن التعليقات التهكمية التي رافقت رحلة فليكيس للغلاف الجوي، وأياً كان نوعها: إسقاطاً أو سخريةً أو حسرةً وندماً، يبقى فيليكس رسالة (صاروخية) في وجه التقليديين الذين ابتلينا بهم في إداراتنا ومنازلنا وشوارعنا وبلداننا, أولئك الذين لا تنفع فيهم الدروس ولا يؤثّر فيهم الجمال ولا ينتبهون للتغييرات التي طرأت على العالم.
التقليديون الذين لا يرون في رحلة فيليكس سوى (واحد فاضي) ما عنده شغل، يرون فيه رجلاً مغامراً لا أقل ولا أكثر, يرون فيه (هياط) فضائياً، يرون في رحلته (ملاهي) كبيرة، يرون في عمله أي كلام، يرون في فكرته جنوناً لا يستحق الالتفات, يرون في هبوطه (سردادي مردادي)، (خيقي بيقي)، ومثل (ما رحتي جيتي).
أولئك التقليديون الذي يكررون أنفسهم في اليوم أكثر من مرة, ويكررون أعمالهم آلاف المرات في كل الأيام والشهور والسنوات, ويكررون الأخطاء بلا حسيب ولا رقيب, يكتبون على الورق أكثر مما يكتبون على الواقع, يرسلون التعاميم أكثر مما يرسلون الإيجابية والتحفيز، يبحثون عن (أشكالهم) أكثر مما يبحثون عن المبدعين والنابهين.
التقليديون يحبون (الروتين) حتى الموت، يحبون أن يمر اليوم بلا مشكلات ولا صداع ولا مطبات ولا عواصف، يأخذون النتيجة نفسها لأنهم يطبّقون ذات الإستراتيجية يومياً, يروحون مع نفس الطريق، يكتبون بنفس القلم, يجلسون في مكاتبهم بنفس الطريقة، يحبون منطقة الراحة, لا يفرّقون بين أن تسكن في بيت طيني أو بيت من رخام أهم شيء أن يومك يمر بهدوء: مكرر، مميت، بنفس أخطائه.
لا يحب التقليديون المعارضة، ولا النقاش، ولا الحوار، ولا التجديد, ولا الطموح، ولا التحفيز، ولا التغيير, لا يحبون سوى أن يبقى يكرر ذاته، ويكرر أعماله، ويكرر كلامه, ويحب (السوالف) مع نظرائه التقليديين, ويحترق عندما يرميه القدر مع شخصية إبداعية تفكر بأسلوب مختلف.
التقليديون لا يفكرون (خارج الصندوق) يحبون أن يبقوا داخله مثل (الببغاوات) لا يعرفون سوى تقليد أصوات الآخرين, تقليد أعمالهم، تقليد أساليبهم, يحبون المستنقعات ويكرهون (الأنهار)، لأن مياهها تتغير والمستنقع يظل آسناً يفسد الحياة.
لا يعرف التقليديون الحكمة العالمية (إنك لا تدخل النهر مرتين) لأنهم لا يعرفون أن مياه النهر متجددة باستمرار عبر الثانية, أعمتها نظرة ناعسة تمجد التكرار والخوف من المجهول والاستسلام للواقع.
شكراً فيليكس لقد كشفت وأنت تصل للغلاف الجوي وتقفز منه إلى الأرض أن كل (خمسة موظفين عرب, من بينهم (سبعة) تقليديون!!! ما زالوا يروحون لمكاتبهم ويعودون بلا قفزات تذكر.
nlp1975@gmail.com