فاصلة:
(كل امرئ يصنع وجوده في الظهور)
- حكمة فرنسية -
لن أتحدث عن فداحة خلطنا لعقود بين مفهوم الاختلاط والخلوة ما أولد في مجتمعنا كارثة غياب وجود المرأة بشكل طبيعي مع الرجل في المجتمع وليس بشكل توجسي أو لأجل مبررات مثل وجودها كطبيبة في المستشفى وكأنه استثناء !!
وأوجد فجوة في معرفة كل جنس بالجنس الآخر نتج عنها زيجات غير صحية أو عدم الاعتراف بمؤسسة الزواج وعزوف الشباب عنها.
المرأة كائن حي، كيف يمكن لمجتمع إنساني أن يتنفس الوعي بشكل صحيح وأحد عناصره مغيبّ ماديا ومعنويا.
أما ماديا فالمرأة لا ترى في الأماكن العامة أو في أماكن العمل بشكل طبيعي حتى ولد جيل لا يستطيع ألا يرفع حاجبيه إذا شاهد امرأة سعودية في مكان العمل ولا يستطيع إلا أن يراها جسدا هذا بسبب أنه لا يتعاطى معها في التعامل إلا في الخفاء.
وأما معنويا ففي وجدان المجتمع صورة للمرأة في إطار تقليدي مقيت يحاول أن يخرج منه الآن بأقل الخسائر.
في الغرب لديهم تصور واقعي عن غياب ظهور صورة المرأة في كل مكان في المجتمع ولذلك لما حذفت «إيكيا «صور النساء من نسخة «الكتالوج» التي توزع في السعودية أرجعت الصحف الإنجليزية ذلك إلى تخلّفنا كمجتمع ولم تلم الشركة السويدية التي قامت بهذا السلوك إرضاءً للمستهلكين السعوديين وليس بإيعاز من أي قرار سعودي رسمي كوزارة التجارة مثلا.
الشركة السعودية تعرف أنها ستبيع نسخات أكثر لو حذفت صور النساء من النسخة السعودية رغم أنهن لسن سعوديات.
من أخبر الشركة السويدية بهذه الحقيقة؟
اليوم لم يقبل جيل الشباب ما مورس ضد الجيل الذي سبقه وباتت الفتاة السعودية تظهر في بيئة العمل وفي المجتمع دون إحساس بالخزي، وهذا تطور في إدراكها لذاتها.
ولذلك أسعدني خبر انخراط 54 فتاة في العمل التطوعي لتقديم العلاج لضيوف الرحمن في مكة والمدينة من خلال حملة أسمينها «رفيدة».
أحييهّن كثيرا فنحن كمجتمع نحتاج لأن تكون المرأة حاضرة فيه كعنصر فاعل دون أي إخلال بالاعتبارات الدينية.
على الشباب أن يعتاد على رؤية المرأة السعودية في أي صورة كانت محجّبة أو منقبة أو سوى ذلك لأنها كائن موجود لا يمكن إخفاؤه.
صورة المرأة السعودية باتت مشوّهة وأفسحنا المجال لصورة الفتاة اللعوب التي نراها في الأسواق بكامل زينتها أن تنتشر أكثر.
الفضيلة قيمة لا يمكن أن تختفي لمجرد وجود الفتاة مع الرجال في بيئة عمل لا خلوة فيها إلا لمن أراد ذلك لكنها يمكن أن تتقّد في الخفاء أكثر.
سيقول البعض أني أنادي بالاختلاط، وسأقول هو موجود شئنا أم أبينا فعلى الأقل علينا أن نوفر له المناخ الصحي السليم المزدان بالأخلاق والسلوكيات السوّية بعيداً عن الخلوة.
nahedsb@hotmail.com