سأختصر عدداً من الأخبار التي وردت ونشرت صبيحة يوم الأربعاء الأول من ذي الحجة، أول أيام العشر التي أقسم بها ربنا جل جلاله في سورة الفجر وهو سبحانه لا يقسم إلا بما يستحق منه هذا التعظيم.. لنبدأ بالموجز: ثلاثة شبان اختطفوا فتاة أفريقية 14 سنة وتناوبوا اغتصابها قبيل فجر الأول من أيام العشر وتم كشف الجريمة بعد سماع استغاثتها من بيت شبه مهجور بمكة المكرمة، فجر الأربعاء ذاته الحسبة تداهم شقة بالإحساء تضم 4 شبان و3 فتيات في سهرة صاخبة ماجنة، صباح اليوم ذاته تفجرت بمدرسة بنات بالرياض خفايا قصة تلميذة كانت تتعرض للعنف الجسدي عندما اعترفت أمام المعلمات والشرطة بأن والدها وزوجته كانا يجبرانها على اتهام والدتها المطلقة بعمل السحر ضده، وأخيرا تعرض المدير المناوب بمستشفى صبيا العام بجازان لمحاولة دهس بسيارة مريض يلحّ على علاجه بقسم الطوارئ رغم أن حالته لا تستدعي سوى الرعاية الأولية ومقرها بجانب المستشفى ذاتها، وبعيداً عن التفاصيل وما يستجد من معلومات حول هذه الأحداث المؤلمة المؤسفة لا سيما إذا ما أخذ في الاعتبار قدسية الظرف الزماني والمكاني، والصدمة التي ستلطم مشاعر ضيوف الرحمن أولا وهم ضيوف المملكة ثانياً، حاولوا استشعار الموقف وأنتم تواجهون هذه الجموع الملبية التي تقدم إلى أحفاد أبي بكر وعمر وعموم صحابة الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والتسليم، فحين نسمع أو نقرأ هذه الأخبار الموثقة من جهات إعلامية بارزة عرفت بمصداقيتها واستندت إلى مراجع معتبرة تؤكد الوقائع زمنياً ومكانياً فإننا لا بد أن نسترجع ما يتردد من كلمات منمقة مبالغة في المثاليات وادعاء خصوصيتنا في هذا البلد الكريم، نعم هو بلد طاهر بإذن الله وكريم بعطائه وسخاء قيادته وشعبه هذا لا جدال فيه، غير أن الملفت ما تدبجه بعض الأقلام المفرطة بالتفاؤل وتكرر على مدى عشرات السنين مكرسة في الأذهان ما لهذا المجتمع من (خصوصية) تقال في كل حين ومكان وفي كل الأحوال دون اعتبار للمتغيرات والتحولات المجتمعية المتشعبة، واتخذها البعض مشجباً يعلق عليها كثيراً من الأخطاء الاجتماعية، ومنفذاً واسعاً للمعاذير عن كثير من القصور في الأداء الأسري والاجتماعي، ومهرباً لبعض من يفتقد الشجاعة لتجاوز عثرات طارئة في طريق بعض الانجازات الحضارية المشروعة المباحة، أو لشعوره بالعجز عن الإفصاح بالرغبة الكامنة نحو الانطلاق إلى فضاء أرحب مما يكبله من عيب اجتماعي وهميحيط به نفسه وعجز عن حلحلته وتفكيكه بوعي لا يخترق الثوابت ولا يتماس مع الخطوط الحمراء أينما وكيف وجدت، (خصوصيتنا) عبارة أجدها ثقيلة غير مقبولة في كثير من المواقف، أخذ البعض يستخدمها في غير مكانها وزمانها، ولا استحسن استحضارها والاستنجاد بها عند كل طارئ لا نملك حياله حلاً أمام النظرة الاجتماعية أو الأسرية غير الملزمة لو تعمقنا في العديد من الاعتبارات، فنحن قوم لم نغسل دون الخليقة من حولنا في الكوثر، فما من داع منطقي لإحاطة أنفسنا بهذه الهالة غير الواقعية من النزاهة المطلقة، راقبوا الأحداث من حولكم وقيّموا واقعنا ستجدون أننا بشر يجوز علينا ما يجوز على العالمين دون خصوصية جلّها مزعوم.
t@alialkhuzaim