|
الرياض - يحيى القبعة:
حذَّر اقتصاديون عملاء البطاقات الائتمانيَّة من غموض شروط التعاقد لدى البنوك، مشددين على ضرورة مراجعتها والتثبت قبل استخراج تلك البطاقات، لافتين إلى أن هذه الضبابيَّة تُتَّخذ عدة أشكال منها على سبيل المثال استخدام مصطلحات متخصصة غير واضحة لعموم الناس، كما ذكروا أن نسبة الطلب على تلك البطاقات تُعدُّ مرتفعة خلال الربع الثالث من العام الحالي نتيجة للتأثيرات الموسميَّة.
وقال المستشار الاقتصادي فادي العجاجي: إن أنظمة حماية المستهلك قبل الأزمة الماليَّة العالميَّة، كانت تقتصر على السلع والخدمات، أما الآن فقد بدأت الدول المتقدِّمة في سن القوانين التي تحد من الخداع والتدليس في العقود مثل ما يعرف بقانون «Fineprint»، مضيفًا أنه في المملكة، أقر مجلس الوزراء المنظومة الماليَّة (الرهن العقاري) في 2 يوليو 2012م. وتشمل المنظومة الماليَّة نظام التمويل العقاري، والإيجار التمويلي، والرهن العقاري المسجل، ومراقبة شركات التمويل، وقضاء التنفيذ، حيث تدخل هذه الأنظمة حيز التنفيذ بعد 90 يومًا من تاريخ نشرها (27 أغسطس 2012م)، أي في 25 نوفمبر 2012.
وأكَّد العجاجي أن المنظومة الماليَّة تملأ فراغًا تشريعيًا وترسّخ مفهوم الأمن الاقتصادي في قطاع التمويل من خلال نظام مراقبة شركات التمويل بما في ذلك تمويل البطاقات الائتمانيَّة، وهذا النظام يؤكد على التزام شركات التمويل بمبادئ الإفصاح عن معايير تكلفة التمويل وطريقة احتسابه لتمكين المستهلكين من مقارنة الأسعار، ويضع الضوابط اللازمة لحمايَّة عدالة التعاملات، وحقوق المستهلكين. ويلزم شركات التمويل بالإفصاح لعملائها قبل التعاقد عن معادلة الخصم في السداد المبكر، ولا يقتصر الأمر على الإفصاح، بل تحدد اللائحة التنفيذيَّة لنظام مراقبة شركات التمويل معايير معادلة السداد المبكر بما يحقِّق العدالة بين طرفي العقد.
وذكر أن قروض بطاقات الائتمان بلغت 7.9 مليار ريال، في نهاية الربع الثاني من 2012م مرتفعةً بنسبة 2.9 في المئة عمَّا كانت عليه نهايَّة الربع الأول من العام الحالي. وتوقع أن ترتفع قروض بطاقات الائتمان في نهاية الربع الثالث من العام الجاري نتيجة للتأثيرات الموسميَّة المتتاليَّة، حيث ستتأثر ميزانيَّة الأسر السعوديَّة بأربعة مواسم متتاليَّة (السَّفَر في إجازة الصيف، والسلع الاستهلاكيَّة في رمضان المبارك، والعيد وحفلات الزواج، والعودة للمدارس).
وأشار المستشار الاقتصادي إلى أنه من المتعارف عليه في الأوساط المصرفيَّة أن قروض بطاقات الائتمان هي الأعلى من حيث تكلفتها على المقترض، وتتراوح نسبة الفائدة على قروض بطاقات الائتمان ما بين 18 إلى 24 في المئة، أي نسبة فائدة قد تصل إلى 10 أضعاف نسبة الفائدة على القروض الشخصيَّة.
وشدّد العجاجي على أهميَّة التخطيط المالي لميزانيَّة الأسرة، لاسيما ما يتعلّق بالإدارة الماليَّة لبطاقات الائتمان، مؤكدًا أن القطاع المصرفي السعودي يقدم عدة أنواع من البطاقات الائتمانيَّة بعضها مربوط بشكل مباشر بالحساب الجاري للعميل ويَتمُّ سداد قيمة المشتريات بالبطاقة الائتمانيَّة بصفة دوريَّة، والبعض الآخر يتطلب قيام العميل بسداد المستحقات عن طريق تحويل قيمة المشتريات من الحساب الجاري إلى حساب البطاقة الائتمانيَّة.
وفي حال تأخر العميل عن تحويل المبلغ في تاريخ محدد (يختلف من بطاقة لأخرى) يتم تحصيل الحدّ الأدنى من مديونيَّة البطاقة، ويرحل باقي الرصيد للفترة التاليَّة مع إضافة فوائد على بعض أنواع البطاقات الائتمانيَّة. لذا أوضح المستشار الاقتصادي أنه لا يوجد تلاعب في عمليات البطاقات الائتمانيَّة، مستدركًا ضرورة معرفة نوع البطاقة وشروط العقد من قبل العميل، وأيضًا التدقيق في قيمة المشتريات الشهريَّة وتسجيل الاعتراضات على العمليات الخاطئة قبل نهاية المهلة المحددة لاعتماد الكشف الدوري للبطاقة الائتمانيَّة.
وأشاد بالإجراءات الاحترازيَّة التي يتخذها القطاع المصرفي لتحقيق أعلى مستويات الثِّقة والأمان لاسيما التنبيه برسائل MMS للعمليات التي تتم على البطاقات الائتمانيَّة والحسابات الجاريَّة.
وختم العجاجي حديثه بالتنويه إلى أن الغرض الرئيس من البطاقات الائتمانيَّة تنظيم وإدارة السيولة للأفراد، وتجنب الأزمات الماليَّة.
كما أنها من أهم وأكثر وسائل الضمان المالي انتشارًا في قطاع الأعمال. لذا لا ينبغي أن ينظر إلى بطاقة الائتمان على أنها مصدر للإقراض.
من جانبه، أفاد مدير مركز التَّميز للدراسات المصرفيَّة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور صلاح الشلهوب أن الغموض لا يظهر أن هذا أمرٌ مقصودٌ للبنوك أعني الغموض، لكن بطبيعة عقود الشركات والبنوك عمومًا تعتمد على نماذج مترجمة لعقودها وهذا ما يجعل فيها شيئًا من الغموض، مضيفًا أنها تشتمل أحيانًا على مصطلحات متخصصة ليست واضحة لعموم الناس، ولكن هذا لا يعفيها من أن يكون هناك نماذجٌ تُوضِّح هذه العبارات للعملاء للاطِّلاع عليها ومعرفة محتوى العقد حتَّى لا يحدث ما لم يكن في حسبانه وهنا تقع المشكلات في هذه الحالة بين البنوك وعملائها.
وتطرَّق الشلهوب إلى أن هذه العقود شبه مكررة تمامًا بين البنوك، والبنوك عادة لا تفاوض في مثل هذه العقود فللعميل أن يوقع ليستفيد من الخدمة أو أن يرفض ولا يستطيع الاستفادة، وفي هذه الحال، دعا إلى وجود جهات تهتم بمثل هذه القضايا، بحيث لا تكون الالتزامات في العقد هي فقط في مصلحة البنوك أو الشركات بما أنها الطرف الأقوى في العقد، بل من المهم الوصول إلى صيغة عادلَّة تحفظ حق الطرفين.
وقال الخبير الاقتصادي: إن البطاقات الائتمانيَّة أصبحت اليوم في حاجة لكثير من الأفراد فهي تقدم خدمات أكبر من مسألة الإقراض، ولذلك من المتوقع زيادة الإقبال عليها من قبل المواطنين مع تطوّر العمليات التجاريَّة خصوصًا الإلكترونيَّة منها، مشيرًا إلى أن المشكلة تكون في زيادة حجم القروض عبر البطاقات الائتمانيَّة إذ إنها تختلف حتَّى عن أنواع التمويل الأخرى، حيث تخلو من الضمانات التي تحدُّ من المبالغة في حجم الإقراض، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الديون على البطاقات الائتمانيَّة، حيث تبلغ سنويًّا نسبة عاليَّة جدًا مقارنة بصور التمويل الأخرى، إضافة إلى أن احتسابها تراكمي، ولذلك قد لا تكون المشكلة في الإقبال على طلب البطاقات الائتمانيَّة بل المشكلة في حجم ديونها.
وعن نسبة فوائد البنوك من تلك البطاقات الائتمانيَّة، أكَّد الشلهوب أنه في مختلف دول العالم تكون عليها غرامات تأخير مبالغ فيها جدًا، تبلغ شهريًّا ما يزيد عن اثنين في المئة وسنويًّا قد تصل إلى ما يقارب 30 في المئة، بخلاف التمويل الشخصي مثلاً الذي يكون في حدود الخمسة بالمئة، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع حجم المخاطرة في البطاقات الائتمانيَّة بسبب عدم وجود الضمانات في صور التمويل الأخرى، إضافة إلى أنه يفترض أن يَتمَّ سداد ما عليها بشكل دوري خلال فترة محددة وهذا الغالب في حال مستخدميها، لكن التأخر في السداد هو حالة يفترض ألا تكون السائدة ولذلك تلجأ البنوك إلى هذه الغرامة بغرض الحدّ من التخلف في السداد.