|
منى - واس:
أقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- في الديوان الملكي بقصر منى أمس حفل الاستقبال السنوي للشخصيات الإسلاميَّة ورؤساء بعثات الحجِّ الذين يؤدون فريضة الحجِّ هذا العام.
ومن أبرز الشخصيات التي حضرت الحفل صاحب الجلالة المعتصم بالله محب الدين توانكو الحاج عبدالحليم معظم شاه ملك مملكة ماليزيا وفخامة الرئيس البروفيسور ألفا كوندي رئيس جمهورية غينيا ودولة نائب رئيس الجمهورية الإندونيسية الدكتور بوديونو ودولة نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي ودولة رئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلاميَّة راجا برويز أشرف ودولة رئيس الوزراء في جمهورية جيبوتي دليتا محمد دليتا.
حضر الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحجِّ المركزية وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخليَّة رئيس لجنة الحجِّ العليا وصاحب السمو الأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين وأصحاب السمو الملكي الأمراء.
كما حضره أصحاب الفضيلة العلماء والمعالي الوزراء ومعالي أمين عام منظمة التعاون الإسلامي ومعالي أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة وكبار المسؤولين وسفراء الدول العربيَّة والإسلاميَّة.
وقد بدئ الحفل الخطابي المعدُّ بهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثمَّ ألقى خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- الكلمة التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسَّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الحضور:
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أهنئكم بعيد الأضحى المبارك، وأتمنَّى لكم حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وسعيًا مشكورًا، وكل عام وأنتم بخير.
منذ عهد سيدنا إبراهيم الخليل عليه السَّلام، ومرورًا بعهد نبيَّنا محمد عليه أفضل الصلاة والسَّلام، إلى أيامنا هذه، والمؤمنون يتوافدون على بيت الله الحرام ملبين نداء الحق في مشهد عظيم يجسِّد فكرة المساواة، متمسكين بالأمل بالله «جلَّ جلاله» في وحدة الأمة الإسلاميَّة، ونبذ الفرقة والتحام الصف الإسلامي في وجه أعداء الأمة والمتربصين بها.
إن حوار الأمة الإسلاميَّة مع نفسها واجب شرعي، فالشتات، والجهل، والتحزب، والغلو، عقبات تُهدِّد آمال المسلمين، إن الحوار تعزيز للاعتدال والوسطية، والقضاء على أسباب النزاع، والتطرف، ولا مخرج من ذلك إلا أن نعلّق آمالنا بالله، فهو القائل {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} ومِنْ ثمَّ التوكُّل بعزيمة مؤمنة لا تعترف بالعثرات مهمًا كانت.
أيها الإخوة الكرام:
إن فكرة مركز الحوار بين المذاهب الإسلاميَّة، الذي أعلنا عنه في مكة المكرمة لا يعني بالضرورة الاتفاق على أمور العقيدة، بل الهدف منه الوصول إلى حلول للفرقة وإحلال التعايش بين المذاهب بعيدًا عن الدسائس أو غيرها، الأمر الذي سيعود نفعه لصالح اُمَّتنا الإسلاميَّة وجمع كلمتها.
من مكاني هذا وبجوار بيت الله الحرام أطالب هيئة الأمم المتحدة بمشروع يُدين أي دولة أو مجموعة تَتَعرَّض للأديان السماوية والأنبياء عليهم الصلاة والسَّلام، وهذا واجب علينا وعلى كلِّ مسلم تجاه الذّود عن حياض ديننا الإسلامي والدفاع عن رسل الحق.
هذا وأسأل الله أن يعزِّز الأمل في قلوبنا المعلقة به، وأن يثبتنا على الحقِّ والطاعة.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ثمَّ ألقى معالي وزير الحجِّ الدكتور بندر بن محمد حجار كلمة قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى }. والصلاة والسَّلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والفضيلة والمعالي والسعادة.
أيها الحفل الكريم:
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سيدي في مثل هذا اليوم من شهر ذي الحجة عام 1432هـ وجهتم ـ حفظكم الله ـ كلمة سامية حيث أكّدتم أن الأمن والاستقرار من أسباب نماء المجتمعات وازدهار الاقتصاد وبهما يعم الرَّخَاء وتتقدم الأمة.
كما دعوتم ـ أيدكم الله ـ المسلمين إلى أن يتخذوا من الحجِّ وسيلة للتعلم لنبذ الفرقة والتشاحن وتبيان أن هذه الأرض الطيبة وما تشهده من إقبال الحاج والمعتمر إليها إنما لأنَّها تنعَّم بنعمة الأمن والاستقرار استجابة لدعوة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السَّلام، وإنه من فضل الله تبارك وتعالى أن شرّف المملكة العربيَّة السعوديَّة بخدمة حجاج بيت الله الحرام، وإنها تستشعر في ذلك عظمة الأمانة الملقاة على عاتقها، ونحن على ذلك محتسبون الأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى وماضون في ذلك ومستمدون العون من رب العزّة والجلال جاعلون خدمة الحاج وأمنه من أعظم المسؤوليات.
وأنا إذ أشير إلى تلك الكلمة الضافية لاستذكر أيْضًا مبادراتكم الخيِّرة لمصلحة أمة الإسلام وبخاصة والإنسانيَّة بعامة، ويأتي في المقدمة الدعوة لعقد قمَّة التضامن الإسلامي التي اجتمعت في رحاب مكة المكرمة إبان ذروة موسم العمرة يومي السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر رمضان المبارك 1433هـ الموافق الرابع عشر والخامس عشر من شهر آب أغسطس 2012م، حيث وجهتم كلمة سامية تُعدُّ بمثابة خريطة طريق على درب التمكين للتضامن والتسامح والاعتدال ومحاربة الغلو وإخماد الفتن ومن ضمن آليات تحقيق هذا التوجُّه الطيب مقترح تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلاميَّة للوصول إلى كلمة سواء الذي تَمَّ تبنيه وعلى أساس أن يعين أعضاؤه من مؤتمر القمَّة الإسلاميَّة، وفي خضم هذا الزخم من المكاسب العظيمة التي لها ما بعدها، بما يدعو للتفاؤل بمستقبل واعد لأمة الإسلام، فجزاكم الله خير الجزاء.
كما أغتنم هذه المناسبة الطيبة لأرفع لمقامكم الكريم كلمات الشكر والامتنان، وذلك اعترافًا لما تتفضلون به من دعم غير محدود، ومن حسن توجيه، الأمر الذي مكّن ولله الحمد من إصابة النجاحات لتلبية احتياجات ضيوف الرحمن بِكلِّ كفاية ليؤدوا نسكهم بِكلِّ يسر وسهولة، وأن هذا النهج الذي تمضون فيه قدمًا ـ حفظكم الله ـ هو امتداد لما أرساه الراحل العظيم والدكم جلالة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيَّب الله ثراه-، حيث نسج على منواله من بعده خلفاؤه البررة -رحمهم الله- وحتى هذا العهد الزاهر الذي يشهد نقلة تنموية وحضارية غير مسبوقة، وذلك بفضل من الله، ثمَّ بفضل السياسة الحكيمة المُتَّزنة والمتوازنة للحكومة السعوديَّة الرشيدة، التي تأخذ بالأسباب لتحقيق الأهداف وفق ما يخطط لها من أجل الوطن والمواطن والحاج والمعتمر والزائر على حد سواء.
وحقيقة الأمر أن جملة ما يخطط له يأتي من منطلق إيماني، هو شغلكم الشاغل، الذي تنفقون من أجله الملايين، بل البلايين من الريالات السعوديَّة، وفي الطليعة التوسعات المتتالية في الحرمين الشريفين وفتح المزيد من الطرق والجسور للحافلات والإنفاق والأعمار في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والأخذ بنظام النقل الترددي بالحافلات ومن ثماره بيئة نظيفة واختصار عامل الوقت في نقل الحجاج، إلى جانب قطار المشاعر المقدسة الذي يسهم في نقل نحو خمسمائة ألف حاج وفي وقت قياسي، إضافة إلى استكمال جسر الجمرات بأدواره المُتعدِّدة الذي هو عبارة عن مدينة تضم العديد من المرافق الإداريَّة والإشرافية والأمنيَّة والصحيَّة ومهابط للطائرات، لضمان إنجاح ما يُعدُّ من خطط لإدارة الحشود البشرية وصولاً إلى بر الأمان. وكذلك فإنَّ قطار الحرمين الذي سيدخل الخدمة إن شاء الله خلال العامين المقبلين لنقل الحجاج والزائرين بين المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر مدينة جدة. وأن أيقونة المشروعات العملاقة هو مشروع التوسعة الجديدة للمسجد الحرام الذي أنجز منها الكثير ليتسع لمليون وستمائة ألف مصلٍّ، وكذلك مشروع التوسعة للمسجد النبوي الشريف الذي ستبلغ مساحته بناءً وساحات عند إتمامه نحو مليون وواحد وعشرين ألف متر مربع.
كما اختم حديثي بمقتطف من الكلمة الضافية التي وجهتموها ـ حفظكم الله ـ في المدينة المنورة إبان وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة لما تنطوي عليه من مدلولات جوهرية ذات صلة بالثوابت، ومنها ماقلتم: «لقد أكرمنا الله سبحانه وتعالى بشرف خدمة الحرمين الشريفين، وما أعظمها وأجلها من خدمة، وأن إيماننا بالحق تعالى نستمد منه عزيمتنا وقوتنا في الدفاع عن شريعتنا وعقيدتنا، وعن نبيَّنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وسنبقى ثابتين على ذلك لا نتراجع عنه إلى يوم الدين إن شاء الله، فهو الشرف والكرامة والإباء. كما ناشدتم عقلاء العالم للتصدي لِكُلِّ من يحاول الإساءة إلى الديانات السماوية أو إلى الأنبياء والرسل»، وبعد فهذا قليل من كثير مما رغبت أن أعرض له تقديرًا لوقتكم الثمين، سائلاً المولى جلّ وعلا أن يهبكم، وسمو ولي عهدكم الأمين، والحكومة السعوديَّة الرشيدة، مزيدًا من التوفيق والتوجُّه والسداد لِكُلِّ ما فيه الخير والصلاح للإسلام والمسلمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إثر ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبدالمحسن التركي كلمة هنأ في مستهلها خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وأصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب الفضيلة والمعالي، وحجاج بيت الله الحرام بعيد الأضحى المبارك.
وقال: يسر رابطة العالم الإسلامي أن تعرب عن إشادتها وضيوف خادم الحرمين الشريفين لديها، بالجهود العظيمة التي تبذلها المملكة، لتيسير الحجِّ ومتطلباته في مختلف المجالات، ومع التطوير المستمر للخطط والمشروعات في الحرمين الشريفين والمشاعر.
وأوضح أن توجه خادم الحرمين الشريفين -أيَّده الله- إلى المدينة النبوية مباشرة، عند عودته الميمونة إلى المملكة، لبدء توسعة ضخمة للمسجد النبوي، بحيث يستوعب أكثر من ثلاثة ملايين مصل، له عظيم الأثر في نفوس المسلمين، سائلاً الله تعالى أن يجزل له المثوبة ولولي عهده الأمين، وأن يبقي المملكة شامخة عزيزة الجانب، قدوة للمسلمين في السير على الكتاب والسنَّة، وتطبيق شرع الله، وخدمة الحرمين الشريفين، والدفاع عن الإسلام، والحرص على جمع كلمة الأمة، وحلّ مشكلات المسلمين، والوقوف إلى جنبهم في محنهم: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } (الحج - 41).
وبيَّن أن من تعظيم شعائر الله وحرماته، أن يعمل كل ذي مسؤولية في الحجِّ، على إشاعة الإخوة والمَحَبَّة بين الحجاج، والمحافظة على ربانية الموسم، فلا يرفع فيه شعار إلا توحيد الله وعبادته، ووحدة الأمة وتآلفها في ظلِّ إخوة الإسلام وسمو رسالته الخالدة.
وأفاد معاليه أن رابطة العالم الإسلامي تتابع بقلق واهتمام بالغين ما يجري في بعض البلدان الإسلاميَّة، وفي مقدَّمتها سوريا، داعية إلى تكثيف الجهود الرسمية والشعبية في معالجة الأوضاع المأساوية فيها، وإيقاف نزيف الدم الذي تمادى النظام السوري في إراقته.
وقال معاليه: إن الرابطة لتستنكر إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين، والتذرع بها للتدخل في الشؤون الداخليَّة في بعض الدول الإسلاميَّة، مما يزيد الأمة تمزقًا وضعفًا. والأمل في خادم الحرمين الشريفين، والمخلصين من قادة الأمة أن يضاعفوا الجهود في مواجهة ما يُهدِّد الأمة ويستهدف وحدتها واستقرارها، وينسقوا جهودهم من خلال المنظمات الجامعة للأمة، وهيئاتها الثقافيَّة والفقهية والقانونية.
وأضاف قائلاً: إن الرابطة والهيئات والمراكز الإسلاميَّة، ليشيدوا بمؤتمر القمَّة الإسلاميَّة الاستثنائي الرابع، الذي انعقد في مكة المكرمة في أواخر شهر رمضان المبارك، وميثاق مكة المكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي، الصادر عنه، وتُعدُّه الرابطة قاعدة انطلاق نحو بناء قدرات الأمة ومؤسساتها، وتحقيق نهضتها واستعادة تضامنها، وإقامة الحكم الرشيد بما يعمق قيم الشورى والحوار والعدل.
وأردف معاليه قائلاً: إن الأمة المسلمة، على الرغم مما تمر به من المحن، تظل الحارس الأمين للحق الذي بعث الله به رسله الكرام إلى الأمم الغابرة، ثمَّ ورثته هذه الأمة واستحفظها عليه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} (فاطر- 32)، وبذلك جعلها شاهدة على الناس: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} (البقرة - 143).
وفي أوطانها من الثروات وفي أبنائها من الطاقات المتخصصة، ما يغنيها ويؤهلها للتعافي من ضعفها وتجاوز محنها، والنهوض بمجتمعاتها، إذا أخذت بأسباب التلاحم فيما بينها لأداء رسالتها وبناء نهضتها على أساس إعطاء الأَهمِّيّة اللائقة به تعليمًا وتطبيقًا، وتعريفًا به في الآفاق العالميَّة، ونفى الشُّبُهات المنسوبة إليه جهلاً أو عمدًا.
ولفت معاليه النَّظر إلى أن رابطة العالم الإسلامي أنجزت إنجازات كبيرة في خدمة الدعوة والإغاثة والتعلّم بين الشعوب والأقلِّيات والجاليات المسلمة، وأصبحت منبرًا للحوار والوسطية والاعتدال في التعريف بالإسلام والدفاع عنه وعن أمته، وملتقىً عالميًّا للشخصيات الإسلاميَّة البارزة وذلك بتوفيق الله، ثمَّ بدعم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، والتعاون مع المسلمين حكومات وشعوبًا، فلله الحمد والشكر، ونسأله المزيد من الفضل والنعم.
بعد ذلك ألقيت كلمة بعثات الحجِّ ألقاها نيابة عنهم معالي وزير الأوقاف والإرشاد بالجمهورية اليمنية حمود محمد عباد عبَّر فيها باسمه ونيابة عن رؤساء بعثات الحجِّ لخادم الحرمين الشريفين ولشعب وحكومة المملكة العربيَّة السعوديَّة عن عظيم الشكر وجزيل التقدير على الجهود الكبيرة والعزائم المباركة في خدمة حجاج بيته الحرام والزائرين لمسجد رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعلى الإنجازات العظيمة التي شملت الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
وقال: يا خادم الحرمين الشريفين لقد تجلَّى من ملامح بدايات عهدك وكوامن إرادتك وقوة عزمك أَنَّك تحمل هم المسلمين لتيسير الصعوبات، وإقالة العثرات لأداء عبادات الحجِّ والعمرة والزيارة في سعة وراحة وسلامة واطمئنان وخصوصًا أن أعداد الحجيج والعمار تتزايد عامًا بعد عام، وفي كلِّ عام نشهد إنجازًا وتوسعًا في المشاعر والحرمين تجاوزت قياسات الزَّمن».
وأضاف: فمنذ أن كتب الله في أزله غزير خيراته على هذا البلد، وصدع نوره في وادٍ غير ذي زرع بمقدم أبي الأنبياء إبراهيم عليه السَّلام، وخط جلّ وعلا في لوحه المحفوظ وقدره المتحقق الملحوظ، دعوة خالدة غيّرت مسار التاريخ بهذا البلد الذي ما جاءت قبل هذه الدعوة المباركة بزرع أو عطاء ضرع فهي دعوة قلبت الجفاء إلى وفاء، والوعود إلى وجود، دعوة مباركة أطلقها الخليل عليه السَّلام من قلبه وضميره إلى ربه الكريم وموالاه المانح العليم، فكانت هذه الدعوة في لظى الصحراء القاحلة والمعاناة الهائلة خيرًا وأمنًا، مثلما جعل الله النار على إبراهيم بردًا وسلامًا، ولأن الله قد جعل مقاديره جارية فإنَّه جعل سننه سارية، فأخذتم ياخادم الحرمين الشريفين بـأسباب السنن وحققتم بإبداعاتكم نهضة الوطن، وسرتم على منهج الرحمن في ترسيخ الأمان، وسابقتم الزَّمَان بما ابدعتموه من بناء نهضة الأوطان، فعملتم بما وفقكم الله ما لم يكن مع قصر المدة يخطر في بال أو مقدور أحد».
وأردف وزير الأوقاف والإرشاد اليمني قائلاً: لكن توفيق الله لكم، ومنته عليكم، فما أعظمه من إنجاز، وما أجله من إعجاز يستطيب به الرُكع السُّجود، ويهنئ معه بال العباد بين يدي المعبود».
وأفاد أن عهد خادم الحرمين الشريفين شاهد الجميع أعظم نهضة في التاريخ التي لامست المشاعر المقدسة في منى والجمرات بما حصل فيها من توسعة واتقان لتمسح الأحزان وتوَّقف المصائب المتتالية والمعاناة المتوالية الناتجه من مخاطر التزاحم والتراكم وسيكتمل إعجاز إنجازات خادم الحرمين الشريفين المقدرة وتحقيق تطلُّعات الحجيج المعتبرة باستكمال يوم النَّفرة.
وقال: «قد بدأتم - حفظكم الله - بالفعل بالمراحل الأولى للقطار ليتحقق تنفيذ خططكم في ذلك البناء والإعمار، فيكتمل سعيكم لخدمة الحجيج ويَتمُّ بذلك على عبادة النِّعْمة».
وأضاف: يا خادم الحرمين الشريفين يقول العارفون: إنّك ستلقى الله وعنقك مطوق برصيد من الأجر والدعوات والبر والبركات وسيرتسم في هذا الرصيد منارات سامية وصروح شامخة عالية ونهضة وافية وتوسعات للحرمين الشريفين ساطعة باهية تممت بها عمل الأولين ولم تبق مما عملت شيئًا من بعدك للآخرين».
وأردف قائلاً: «سيكون الأجر مضاعفًا مع ذلك الوسع والجهد لخدمة الأمة، وإطفاء الفتن وإزالة حبائل المحن بين الإخوة في اُمَّتينا العربيَّة والإسلاميَّة، ونصرة كل مظلوم وإغاثة كل ملهوف، وفي الدفاع عن مقام وسيرة سيدنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم باعتبار أن الدفاع عنه دفاع عن وجودنا وحياتنا وديننا، وفي مواجهة أعداء الإسلام والأمة وتمكين أبنائها من تحقيق منهج الاستخلاف الإلهي على الأرض وفي استعادة أولى القبلتين وثالث الحرمين مسرى رسول الله وقدس الأنبياء والمرسلين».
وأكَّد وزير الأوقاف والإرشاد اليمني أن خدمة حجاج بيت الله الحرام، وترسيخ عوامل الأمن والسَّلام، وبناء نهضة الأوطان، ومعالجة مخاطر التكفير، ومواجهة شياطين التفجير منهجًا، سيثيب الله خادم الحرمين الشريفين على فعله ويسدده على تنفيذه. وقال: فكما أن الله قد أحاطك بفضل عنايته ونور هدايته، فقد جبل روحك على نقاء الفطرة، وعمق البصيرة، وصفاء البادية، وقوة ومراس وإرادة أبنائها الأتقياء الأنقياء الأوفياء، ليكن ذلك زادك في مسيرة خيرك وإنجازات سيرك.
ونوّه عباد بما قام به خادم الحرمين الشريفين من دور جليل، وفعل جميل، لم شمل الإخوة وربط أواصر الأحبة في «يمن» الحكمة والإيمان، وفي علاقته -أيَّده الله- بأخيه الرئيس عبد ربه هادي منصور رئيس الجمهورية اليمنية الذي ما نسي في كلِّ حين نبل مواقفه -رعاه الله- مع أهله وأحبائه اليمانيين.
وسأل الله أن يجزي خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو وزير الداخليَّة رئيس اللجنة العليا للحجِّ ورجال الأمن الأوفياء خير الجزاء. وقدم الشكر لمعالي وزير الحجِّ ولجميع العاملين معه في الوزارة، وفي جميع مرافق الدَّوْلة، والأمن على الخدمات الجليلة والجهود العظيمة والأداء الرائع الذي جمع في عمقه بين القيم الإسلاميَّة والتقنيَّة الحديثة لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
إثر ذلك تشرف الجميع بالسَّلام على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ثمَّ تناول الحضور طعام الغداء مع خادم الحرمين الشريفين.