بالأمس قال خادم الحرمين الشريفين مليكنا المفدى عبد الله بن عبد العزيز وهو يوجّه خطابه إلى رؤساء بعثات الحج إنه سيطالب الأمم المتحدة بمشروع يُدين التعرّض للأديان السماوية والأنبياء.
وهذه الدعوة الكريمة ليست جديدة على حكام المسلمين منذ الخلفاء الراشدين وحتى انتهاء زمن الخلافة بانتهاء دولة العثمانيين في العقد الأول من القرن العشرين مروراً بالدولة الأموية فالعباسية فالبويهيين فالأيوبيين فالسلاجقة فالمماليك فاحترام الأديان وأمكنة العبادة مكفولة منذ أن كان الخلفاء الأوائل يوصون جيوشهم الإسلامية بعدم هدم المعابد وإيذاء المتعبدين فيها ولهذا بقيت هذه المعابد (كالصومعة والكنيسة) وما يخدمهما من الرهبان والقسس والكهان في أمان تام تحت سيادة الدول الإسلامية المتعاقبة، ولعل السيرة النبوية الشريفة تشهد أن أول من بشّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنبوة هو كاهن من بلاد الشام أيام ممارسته التجارة لحساب زوجته الأولى وأم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها، ولهذا بقي الإسلام يحترم الأديان الأخرى ويتعايش معها وبقيت أمكنه العبادة التابعة لها ماثله - كما هي - منذ ذلك العهد وحتى اليوم ولم يمسها هدم ولا محو وخصوصاً في بلاد الشام ومابين النهرين ومصر على وجه التحديد.
ولهذا بقى أهل هذه الأديان يحترمون الإسلام ويتعايشون بسلام مع المسلمين إلى أن جاءت تالياً بعض الفرق المتطرفة التي ترفع - جزافاً - راية الإسلام وتكفّر أهل كل أديان الأرض بلا تمييز وبمن فيهم إخوانهم المسلمون!! وكأن هذه هي الوحيدة الناجية من النار ومضمونه لها الجنة والعياذ بالله.
لذلك أصبحت أغلب شعوب الأرض نظير (غلو وتطرف وعنف) هذه الفرق يكرهون المسلمين ويضيقون عليهم الخناق أينما حلّوا في أراضي تلك الشعوب ولذلك تقلّص التعاون التجاري مع المسلمين وانعدم التفاهم والتثاقف والتشارك معهم وحلّ الشك والكراهية والتضييق والملاحقة بحق عباد الله الصالحين (الوسطيين) مع بني الإسلام لذلك حينما يدعو أكبر قادة المسلمين بهذا العصر للحوار بين الأديان فإنه يعيد إلى ذاكرة الشعوب الأخرى محبة وتسامح المسلمين الأولين، وكذلك حينما يدعو أيضاً إلى عدم التعرّض للأديان السماوية الأخرى وأنبياء الله الصالحين، ولأنه يدرك جيداً ما تركته اليوم هذه الفرق المتطرفة من شرخ عميق بيننا وبين سائر الشعوب ولهذا ها هو يدعو إلى التئام هذا الشرخ لتحيا الشعوب بمحبة وسلام.