تقضي وقتاً ممتعاً حينما تتصفح كتاب «وصايا»، فهو كتاب لطيف وخفيف.. يزيدك وعياً ومعرفة في كيفية ممارسة الحياة.. عبر العديد من الوصايا المليئة بالحكمة كتبها لنا الكاتب الرطيان.
ولكني أعتقد أن الرطيان أخطأ خطأ.. بسيطاً في إحدى الوصايا التي طرحها في كتابهِ.. حيث يقول الرطيان
(في مثل هذه الأيام الحارة جداً: ضع على نافذة غرفتك، أو سطح منزلك، وعاء فيه ماء، تشرب منه الطيور التي أصابها الظمأ).
وهنا نحن لا نختلف أن الفكرة يمكن استنباطها بسهولة من العبارة..
لكن نختلف حينما نقرأ هذه العبارة في فصل الصيف وفصل الشتاء..
فهذه الصيغة كأنها تؤكّد على أن الوصية لن تُقرأ إلا في فصل الصيف أو في الأيام الحارة..
فأقول ساخراً إن هذا تحيز واضح من الكاتب لقارئ الصيف..! الذي يقرأ هذه الوصية في أيام الصيف الحارة.
لكن السؤال.. ما الذي سيفهمه قارئ الشتاء حينما تقول له: (في مثل هذه الأيام الحارة جداً: ضع على نافذة غرفتك، أو سطح منزلك، وعاء فيه ماء، تشرب منه الطيور التي أصابها الظمأ)..؟!
وأعني بقارئ الصيف.. من سيقرأ الكتاب في أيام الصيف الحارة.. وأعني بقارئ الشتاء.. من سيقرأ الكتاب في أيام الشتاء الباردة.
فليفترض كل منّا أنه في ليلة من ليالي فبراير الباردة.. أخذ يقرأ كتاب «وصايا» ووقعت عينه على إحدى الوصايا التي تقول
(في مثل هذه الأيام الحارة جداً: ضع على نافذة غرفتك، أو سطح منزلك، وعاء فيه ماء، تشرب منه الطيور التي أصابها الظمأ)،
ألا تعتقد أن هناك خطأ ما، ورد في هذه العبارة..!
ونحن نلتمس العذر للكاتب فنقول من المؤكد أنه كتب تلك الوصية في أيام الصيف الحارة.
لكن في هذه الصيغة للعبارة ترك الكاتب المجال مفتوحاً أمام القارئ فقد يفترض القارئ خطأ، أن الكاتب يقصد هذه الأيام بعينها التي يقرأ فيها القارئ تلك «الوصية» ما يجعلها غير صائبة في كل الأحوال، فليس كل أيام السنة حارة..!
وليس كل قارئ سيقرأ الكتاب في أيام الصيف الحارة.. وليس بالضرورة أن تكون قراءة الكتاب محدودة في أيام الصيف الحارة.
فلا بد من إعادة صياغة تلك الوصية بصيغة جديدة يراها الكاتب الرطيان ليجعلها واضحة ومحددة في إطار معيّن.
كأن يقول.. في الأيام الحارة جداً: ضع على نافذة غرفتك، أو سطح منزلك، وعاء فيه ماء، تشرب منه الطيور التي أصابها الظمأ.. وبهذا هو يحدّد الأيام التي يقصدها تماماً.