في استحضارٍ لسلسلة المجازر التاريخية، التي مرت على البشرية منذ نشأة الإنسان على سطح الأرض وحتى عصرنا الحالي كان منطق القوة هو المنطق الغالب على منطق الحق والحقيقة والقيم الأخلاقية.. وهذه هي فلسفة المنطق المقلوب، فلسفة تجعل من انتصار القوة على الحق والحقيقة أنموذجاً صارخاً لسيادة متمردة، تمنح الذات المستبدة بطاقة تصرف مجانية تكفل لها أحقية التصرف خارج نطاق القانون والأخلاق والشرعية.
إن التجرد من سياسة الإنصاف في سرد وقائع التاريخ مهما كانت درجة فداحتِها.. أو التشكيك فيها أو إنكارها.. هي سياسة الأقلام التي تكتب التاريخ وفقاً للمصالح والرؤى التي تتبناها حتى ولو كان تاريخاً من نسج الخيال.. ويبدو أن الزيف المتعمد الذي يواكب سردَ أحداثٍ مُشكَّكٍ في حدوثِها أو مبالغ في التهويل من أمرها هو خير انتقاء ينتقيه أولئك الذين يؤمنون بغلبة منطق القوة على منطق الحق والحقيقة.. ولكي أكون أكثر وضوحاً في طرحي أسوقُ نموذجاً من نماذجَ متعددة تغَلّبَ منطق القوة فيها على منطق الحق.. فمن يقرأ تاريخ المحرقة اليهودية أو (الهولوكست) محارق النازية التي طاردت اليهود.. يرى أنها لم تكن سوى أسطورة اخترعتها الصهيونية العالمية وأثقلت بها ضمير العالم لتبقيه في حالة تذكر دائم بفصول أسطورة مُختلَقة تزعم إبادة اليهود على يد النازية في أفران الغاز وباتت نقطة سوداء في تاريخِهم.. طقوسها حزنٌ وبكاء وندبٌ ولطم أمام الحائط المبكي.. لكن الكثير من صفحات التاريخ تُقرُّ بكذب هذه الأسطورة وتنفي كل ما فنِد فيها.. وذلك لعدم وجود أي دلائل واضحة تثبت حدوثها.. ولعل الفيلسوف والمفكر الفرنسي الشهير (روجيه جارودي) هو أول من كشف أوراق الدجل اليهودي في كتابه (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية) تناول فيه أسطورة ما يُسمى أفران الغاز السام التي ادعى اليهود وجودها في معسكرات الاعتقال النازية.. (صناعة الهولوكست) أو المحرقة واختلاق قصة أفران الغاز.. ما هي إلا أكذوبة شهد على كذبها الكثير من المؤرخين الغربيين أمثال (دافيد ايرفنج) الذي سار في سراديب رطبة ومد يديه إلى رفوف البحث وغاص في أعماق التاريخ.. وبكل تجردٍ وحيادية كاد يلامس الحقيقة.. إلا أن من أراد إخفاء الحقائق وتزييف التاريخ كان متربصاً به.. فلم يُكتب لهذه الحقيقة أن تظهر وتنكشف.
تشويه الحقائق التاريخية والوقائع السياسية والادعاءات الهزيلة بإبادة ستة ملايين يهودي في أفران الغاز النازية إبان الحرب العالمية الثانية ما هي إلا أكذوبة من أكاذيب متعددة استثمرها اليهود لخدمة مصالحهم العدوانية، وقضية المحرقة ليست مجرد قضية تاريخية، بل قضية سياسية وإعلامية.. تم الترويج لها كثيراً لتبرر حاجة اليهود لوجود دولة خاصة بهم.. تكون بمثابة ملجأ آمن لهم هذا من جانب.. ووسيلة لابتزاز الدعم السياسي من الرأي العام الدولي تحت تأثير عقدة الذنب الجماعية التي مروا بها في المحرقة كما يزعمون وبالتالي يستبيحون لأنفسهم حق طلب التساهل في تطبيق القانون الدولي عليهم.. وهذا ما دفع بالسيد (كوفي عنان) عندما كان أميناً عاماً للأمم المتحدة في عام 2005م أن يوجه نداءً.. طالب فيه جميع الدول الأعضاء التصدي لكل من ينكر المحرقة باعتبارها من وقائع التاريخ الموثقة.. ويبدو أن الاعتراف بالحق اليهودي فضيلة من المنظور العالمي.. والاعتراف بالحق الفلسطيني هو أقرب ما يكون إلى الاعتراف بالتاريخ المغلوط الذي تسعى اليهودية العالمية إلى إعادة صياغته وفرضه على العالم.. وربما لم يعد الأمر بحاجة إلى مسوغٍ أيديولوجي جديد يمنع إسرائيل من صناعة وتنفيذ هولوكست فلسطيني.. وهذا هو جوهر المنطق المقلوب.. (تغلب منطق القوة على منطق الحق والحقيقة)...!!!
zakia-hj1@hotmail.comTwitter @2zakia