الجزيرة - أ ف ب:
بعد اطمئنانهم لعزم البنك المركزي الأوروبي على التدخل عاد المستثمرون الدوليون الكبار، وبينهم أسماء لامعة في عالم المال، للتعامل مع منطقة اليورو منذ بضعة أسابيع، لكن من دون الاعتبار أن الأزمة قد انتهت. ولفت جان لوي موريه الخبير الاقتصادي لدى مؤسسة «أوريل بي جي سي» للاستثمار إلى أن «أسوأ السيناريوهات ابتعد قليلاً بالنسبة للذين كانوا يخشون اختفاء منطقة اليورو». فقد عاد المستثمرون لشراء أسهم من المصارف الفرنسية والإسبانية والإيطالية، وكذلك سندات ديون دول تواجه أوضاعاً صعبة؛ ما أسهم منذ بداية الصيف في قفزة مؤشرات البورصات وتحسُّن معدلات فائدة القروض في إسبانيا وإيطاليا. ويؤكد جان فرنسوا باي المدير العام لشركة الدراسات «مورنينغستار فرانس» أنه لاحظ في أيلول/ سبتمبر عودة للأموال نحو الأسهم في منطقة اليورو «للمرة الأولى منذ شباط/ فبراير 2011». وكان الاتجاه إيجابياً أيضاً بالنسبة لسندات الديون في بلدان جنوب أوروبا. ويدرك المتعاملون الآن أن أمامهم البنك المركزي الأوروبي، الذي يمكن أن يشتري الديون العامة القصيرة الآجال بشكل غير محدود إن تقدم بلد ما بطلب في هذا الصدد. وهذه الإمكانية بررت قرار شركة «بيمكو»، كبرى شركات الاستثمار في سندات الخزينة في العالم، بأن تنصح بالعودة إلى إسبانيا وإيطاليا، بينما كانت تقاطعهما منذ ثلاث سنوات. وفي فرنسا أعلنت مؤسسة «كارمينياك» أكبر شركة مستقلة تدير أموالاً في أيلول/ سبتمبر الماضي أنها اشترت قروض دولة من إيطاليا قصيرة الأجل، حتى أنها اشترت ديوناً إسبانية منذ حزيران/ يونيو. أما الصناديق المالية الأمريكية التي تدير مئات مليارات الدولارات فقد زادت للشهر الثالث على التوالي في أيلول/ سبتمبر استثماراتها في مصارف منطقة اليورو، بنسبة 10,6 % من الأموال التي وظفتها، بحسب دراسة لوكالة التصنيف المالي فيتش. لكن رينيه ديفوسيه الخبير لدى ناتيكسيس حذَّر من جهته من «أن العديد من المستثمرين ربما بالغوا في تقدير الخطر في منطقة اليورو، لكنه لم يضمحل». ورأى باتريك جاك، المحلل لدى بي إن بي باريبا أن «عودة المستثمرين في غاية الهشاشة»، مذكراً بأن الصناديق يمكن أن تميل إلى جني أرباحها بسرعة أكبر من عودتها إلى منطقة اليورو. وأكد باي «من المبكر جداً القول ما إذا كانت الحركة التي بدأت مؤخراً ستتواصل». واعتبر بعض المستثمرين أن أصول منطقة اليورو ربما اختيرت لعدم وجود شيء أفض. وأشار موريه إلى أنه «بحسب التحقيق الأخير لبنك أوف أمريكا - ميريل لينش لدى الصناديق فإن الخطر المرتبط بالهاوية المالية (تطبق بشكل تلقائي اقتطاعات في النفقات وإلغاء لامتيازات ضريبية) في الولايات المتحدة اعتبر أكبر من منطقة اليورو». لكن فيتش لاحظ أن انكشاف الصناديق المالية الأمريكية على مصارف منطقة اليورو يبقى بنسبة 70 % دون مستواه في أيار/ مايو 2011، فيما معدلات الفائدة على الاقتراض من الدول التي تعاني أوضاعاً صعبة تبقى مرتفعة. وأضاف ديفوسيه «إن منطقة اليورو ستكون في انكماش السنة المقبلة خلافاً للولايات المتحدة»؛ ما يثير أيضاً برودة المستثمرين. ومع ذلك يتوقع أن يكون 2013 عاماً مثقلاً بالأحداث التي تنطوي على مجازفات مع الانتخابات في إيطاليا وفي ألمانيا، وكذلك مع برنامج اقتراض على ارتفاع في إسبانيا.