منذ أن اقترب إعصار (ساندي) من سواحل الولايات المتحدة الأمريكية والقلق يسيطر على كل شخص له ابن أو قريب هناك، بل إننا جميعاً كانت قلوبنا مع أبنائنا المبتعثين ندعو لهم بالسلامة من هذه الكارثة، وفي نفس الوقت الذي تنطلق فيه الدعوات بأن يحفظ الله أبناءنا الطلاب، تأتي دعوات (مضادة) في الاتجاه عبر الواتس اب وتويتر تدعو الله أن يهلك أمريكا بل ويجعل الريح كما ريح عاد! ولقد علق احد المبتعثين على تلك الدعوات بأن قال (فوقنا اعصار والسماء ترعد وتبرق وذا يدعي علينا!)! أمريكا ليس فيها فقط اكثر من ثمانين الف مبتعث سعودي يتلقون العلم ليعودوا مساهمين في بناء وطنهم، بل إنها تحتضن ما يقارب من ثمانية ملايين مسلم ولم تضق بهم، بينما بعضنا يضيق ذرعاً بعدد أقل من المسلمين الوافدين الذين يعيشون معنا! أولئك المسلمون يريدون منا الدعاء لهم وليس عليهم، لكن مجاهدي البرودكاست لايعلمون انهم بذلك يؤذون مشاعر المسلمين من العرب وغيرهم الذين منحتهم أمريكا الأمان والاطمئنان بعد ان هاجروا وربما (فر) الكثيرون اليها بعد ما نال منهم الفقر والظلم في بلدانهم فوجدوا فيها الحرية والعدل والمساواة، هذه حقيقة يجب الاعتراف بها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المائدة. لا يخفى على أحد ان (السياسة) الأمريكية وليس (الشعب) الأمريكي سياسة منحازة تحمي اسرائيل وتعلن ذلك في كل مناسبة وتستخدم الفيتو ضد المصالح العربية هذا أمر معلن ويعرفه الجميع! لكن السياسة تجابه بالسياسة والقوة مقابل القوة! ألم يأمرنا الله بأن نعد من العدة ما استطعنا! كيف نخالف الله في هذا التوجيه ثم نطالبه فقط بأن يدمر ويهلك البلدان والشعوب اعتقاداً منا بأن ذلك سوف يحل مشكلاتنا! إن التشفي بالآخرين عند وقوع مصيبة عليهم ليس بأخلاق إسلامية ولا شيم عربية وهو اسلوب يفتقر إلى الانسانية والرأفة! العاجزون لم يقدموا لأمتهم سوى تكرار مثل هذه الادعية، وتقاعسوا عن كل ما يساهم في التطوير والتحديث وإعداد القوة كما أمروا! أمريكا في محنتها تحتاج الدعاء لها ولشعبها بأن يهدي الله قادتها لبسط السلم والعدل في العالم فهي بما تمتلكه من قوة منحها الله اياها قادرةعلى ذلك، وان يهدي شعبها للإسلام والحق ليعرفوا أن الإسلام هو دين السماحة والعدل والمحبة لا الارهاب، ختاماً أقول لأصحاب هذه الأدعية في الدعاء على بلاد الفرنجة وغيرهم أن مشكلتنا الحقيقية ليست في قوة أمريكا ولا انحيازها بل في ضعف العرب والمسملين! ولو أهلك الله امريكا كما تنبأ بعضهم في السابق ويحلم بعضهم الآن، فهناك عشرات الدول كلها مرشحة ان تحل محلها وسوف تتاقض مصالحها مع مصالحنا بالتأكيد، الأقوياء دائماً يفرضون هيمنتهم وشروطهم هذه سنة الله في خلقة، أما الضعفاء فعليهم البحث عن كيفية بناء أوطانهم واللحاق بركب الدول القوية فهذا أفضل من الاكتفاء بالدعاء على الشعوب في مصائبها!
alhoshanei@hotmail.com