لاحظت أثناء قضاء إجازة عيد الأضحى في منطقة الجوف أن ضَعْف الإمكانات الصحية في المنطقة ورداءة الخدمات هي الحديث الذي يسيطر على معظم الجلسات التي حضرتها. وتصادف أن وقع في ثاني أيام العيد حادثٌ مأساوي على طريق سكاكا - عرعر، ذهب ضحيته أشخاص عدة من عائلة واحدة، ووفيات وإصابات أخرى، فكان ما واجهه أقرباء الضحايا وهم يحاولون إنقاذهم ويصطدمون بضعف الإمكانات الصحية بالمنطقة حديث الكثير من المجالس.
يعرف الناس في المناطق الشمالية أن ملجأهم الأول والأسرع - بعد الله - هو المستشفيات الأردنية؛ ففي الحالات الحرجة والخطيرة المستعجلة، بشكل خاص، والحالات المزمنة والمختلفة بشكل عام، تظل مستشفيات الأردن هي الملاذ، حتى أصبح الشماليون زبائن مستديمين لهذه المستشفيات ومصدر دخل لها، على الرغم من التغير الكبير الذي طرأ على تعامل هذه المستشفيات، وبروز النزعة التجارية خلال السنوات الأخيرة. ومع أن الناس يعون هذه النزعة التجارية الواضحة، ويعانون منها، إلا أنهم مع ذلك مستسلمون، وذلك بضغط الحاجة الماسة!
إنني أعلم أن المسؤولين المحليين في القطاع الصحي بالشمال يحاولون أن يخدموا الناس بما يتوافر لديهم من إمكانات، لكن «الجود من الموجود»، كما يقال، والموجود شحيح قياساً إلى حاجة الناس المتزايدة.
أجد أن من المفارقات اللافتة أن تكون الخدمات الصحية في الأردن ذات الإمكانات المالية المحدودة أفضل مما هو موجود لدينا، ولا شك أن ذلك يسيء لنا إعلامياً. سيقول البعض إن بلادنا قارة كبيرة، بينما الأردن بلدٌ صغير من حيث المساحة والسكان. وهذا صحيح، لكن بلدنا القارة يملك إمكانات مالية ضخمة، يمكن من خلالها توفير الرعاية المناسبة والضرورية للمواطنين، وهو ما لا يتوافر لدى الأردن!
على أي حال، سيكون القادم أحلى إن شاء الله؛ فنحن نسمع عن مشروعات كبرى قادمة، وعلى رأسها مدينة الأمير محمد بن عبدالعزيز الطبية في الجوف، التي سوف تخدم المنطقة الشمالية كلها.
كل ما يتمناه المواطنون في الشمال هو أن لا يتأخر تنفيذ المشاريع الطبية التي تم الإعلان عنها؛ فهي لو تحققت سوف تنهي المعاناة المستديمة للناس هناك. وما ينطبق على المناطق الشمالية ينطبق على المناطق الجنوبية وبعض الأقاليم والمناطق الأخرى في المملكة، التي تعاني هي الأخرى من نقص الخدمات الصحية وتدني مستوياتها. ويجب أن نتذكر أن التوسع في الخدمات الصحية خارج المثلث المحظوظ (الرياض، جدة، الدمام) سيقلل من الضغط على مستشفيات هذه المدن الثلاث؛ فيستفيد الجميع!
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض