مع قراءتكم لهذا المقال، قد تكون نتيجة الانتخابات الأمريكية قد حسمت بفوز أحد المرشحين الرئيسيين، باراك أوباما أو ميت رومني، وأيا كان الفائز فإن استراتيجيات السياسة الخارجية الأمريكية قد لا تتغير كثيرا، خصوصا فيما يتعلق بمنطقتنا العربية، وذلك ببساطة لأن النظام السياسي الأمريكي نظام مؤسساتي، يتم من خلاله رسم الخطوط العريضة للسياسات بغض النظر عمن يسكن البيت الأبيض، وجدير بالذكر أن هناك فترات من التاريخ الأمريكي كان خلالها الرئيس في وضع لا يسمح له بمتابعة المستجدات على الساحة الدولية، ناهيك عن أن يتخذ قرارا بشأنها، ومع ذلك سارت الأمور على ما يرام، وهذا ليس محض افتراء!.
لقد تم انتخاب الرئيس فرانكلين روزفلت لأربع فترات رئاسية في الأعوام 1932، 1936، 1940، 1944، وكان متاحا حينها للرئيس أن يترشح لأكثر من فترتين رئاسيتين، وقد توفي روزفلت بعيد انتخابه للمرة الرابعة بفترة قصيرة، ثم اتضح لاحقا أنه تم انتخابه للمرة الرابعة وهو مريض جدا، ومع ذلك فقد سارت السياسات على قدم وساق، ولم يشعر أحد حينها بعجز الرئيس !، ومثل هذا حصل مع الرئيس رونالد ريجان بعد انتخابه للمرة الثانية في 1984، فقد اتضح لاحقا أنه كان يعاني من بدايات مرض الزهايمر، وساءت حالته الصحية في آخر سنتين من حكمه، وهناك لقطات فيديو على موقع يوتوب العالمي تبين ريجان وهو في حالة ذهول، أو نسيان لأبسط الأمور، ومع ذلك فقد انتهت فترة حكمه بسلام، ولم يعرف الناس شيئا عن كل ذلك إلا بعد سنوات طويلة، وهذا من محاسن الأنظمة المؤسساتية العريقة!.
والحديث عن الإستراتيجيات السياسية التي يتم رسمها سلفا لا يعني بالتأكيد أن الرئيس في النظام الأمريكي لا رأي له بالمطلق، فهناك رؤساء شاركوا في رسم بعض السياسات، أو في تغيير بعضها، وذلك نتيجة لما يتمتعون به من مؤهلات علمية وثقافية عالية، وقدرات قيادية مميزة، ولذا فقد تركوا بصمات خالدة، مثل الرؤساء جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون، وأبراهام لينكولن، وجون كينيدي، وريتشارد نيكسون، وأخيرا جورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وباراك أوباما، ولا يمكن أن ينسى المتابع موقف الرئيس بوش الأب من إسرائيل، وذلك عندما تعنتت في المفاوضات، فما كان منه إلا أن غضب، وأرسل رسالة عن طريق وزير خارجيته جيمس بيكر تقول للإسرائيليين: «إذا قررتم المضي قدما فيما طلبنا منكم فهذا هو رقم هاتف البيت الأبيض....!»، وقد أغضبت تلك الرسالة الإسرائيليين فعملت ايباك وبقية المنظمات اليهودية بكل جهد حتى تمت هزيمة بوش في معركة إعادة الانتخاب في 1992، مع أنه كان قد خرج للتومنتصرا ومزهوا بعد حرب الخليج الثانية!، فهل بإمكان الرئيس أوباما أو المرشح رومني القيام بمثل ذلك؟.
شخصيا، لا أعتقد أن رومني سيفعل شيئاً ذا بال في حال انتخابه، إذ سيكون مثل نظراء له عبر التاريخ الأمريكي ممن دخلوا البيت الأبيض وغادروه دون أن يشعر بهم أحد، أما أوباما فإنه قد يفاجئ الجميع بقرارات تاريخية، خصوصا وأنه يستلهم سيرة مثله الأعلى الرئيس إبراهام لينكولن، وأمامه قضايا شائكة ومعقدة، بدءا من سوريا، وحليفتها إيران، وليس انتهاء بالوضع العربي والعالمي المتفجر في كل مكان، فهل يفعلها في حالة فوزه، ويدخل التاريخ ؟!.
فاصلة:» في الديمقراطية ..بإمكان ناخب واحد جاهل أن يعرض الجميع للخطر!»..جون كينيدي.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2