هل الصمتُ مُضادّ للكلام، أم أن الصمتَ هو.. كلام؟. لكن، أيّ نوع من الكلام هو صمتٌ، وأي نوع من الصمت هو كلام ؟. ثم، كيف يتحوّل الكلام صمتا، وكيف يتحول الصمتُ كلاما؟.
الكلام المسكوت يـُؤخـّر الكلام ولا يُلغيه. يجعله فائضا على سطح خزان صمت ـ الكلام. يجعله فائضا بالعمل الحاسم، يُمكنه أن يفيض ويُمكنه أن لا يفيض. شرط فيضانه “ كيف “ نقول ونفعل، لا “ ماذا “ نقول ولا نفعل..
.. فإذا كان المُتلقي يهمه “ الكيف “لا الـ” لماذا “، يُحوّل الكلام صمتا. هو صمتٌ ليس نقيض الكلام، بل صورته المُنعكسة على ماء خزان صمت ـ الكلام. لهذا يُقال: في فمي ماء.
يحدث ذلك حين دخول الهواء بين خلايا المخ. هواء يُؤخر انطلاق الكلام، أي يُراكمه، فيغدو فائضا، قد يفيض وقد لا يفيض. لا يحدث ذلك إطلاقا حين لا يُعشش الهواء بين خلايا المخ، أي حين يكون المخ حاجزا إسمنتيا، ذا صبـّة واحدة، جاهزا للكلام، من دون حاجة إلى الخزان، الذي في غيابه ينطلق الكلام من دون تأخير، من دون هوادة، من دون استراحة. وحين ينطلق هكذا لا يُمكنه إلا أن يتكرر ويُستعاد، في جمل “ فعلية “ قادرة على استيلاد نفسها من نفسها، من دون تراكم. حين لا يعبر الهواء بين خلايا المخ يُضحي النطق حتى بجملة “ اسمية “ مستحيلا.
الصمت، إذن، “ مادة كلامية “، ذات خصوصية مُضمرة. والمُضمر هو الصمت الذي يحكي، الذي يفعل. هذا النوع من الصمت، ليس صمت الفم، بل صمت العقل، الذي يُجمّد الكلام، ولا يُلغيه. هو من نوع صمتُ الموسيقى. صمت الموسيقى، كما يعرف المُتذوّقون، بأهمية صوتها نفسه، وربما أكثر.
هذا الصمتُ لا يُمكنه أن يكون مُؤشرا ولا مُؤثرا، إلا إن استطعنا أن نجعله يتكلم، ليفعل، بعد أن يستريح هنيهة في هواء المخ.
لذا، يُصبح الكلام المسكوت، ليس هو الصمت الدائم، بل الثمن الأعلى لعملية الكلام. وهذا الثمن الأعلى هو عدم الاجترار. فحين تعجز عن الاجترار، تعجز عن الكلام إلا بثمنه الأعلى. وهذا الثمن الأعلى، هو أن تفهمَ مُتأخرا. تفهم بعد وقت ما. ولكن تفهم. الوقت الذي تصرفه لتفهمَ مهمٌ جدا كوقت. هو وقت الصمت، المُمهّد للفعل. وهو وقت ميتافيزيقي، مهمته تحطيم طواطم الكلام على مهل، طوطما وراء طوطم وراء طوطم، وراء طوطم.
بسبب عدم وجود هواء في خلايا المخ، مُخيفون، فعلا، أولئك الذين لا يعقلون، فقط يفهمون وبسرعة، كلّ ذلك وذاك وهذا وهذه وتلك وتيك، مما يُخاط ويُخطّـط ُ له على السطح وفي الأعماق، بشكل جماعي مُوحـّد من قبل إسرائيل والنظام العلوي في دمشق ونظام ولاية الفقيه في طهران وروسيا بوتين.
أجل. أولئك يفهمون فقط أن ثمة نوعا من البلبلة العاصفة الطاحنة في المنطقة، لكنهم لا يعقلون، حتى الآن على الأقل، كيف يـُحافظون على مصير ثلاثمائة وعشرين مليون عربي؟.
البائس أن أولئك غير المكترثين، صحيح أنهم يتعاملون، بمرارة، ولكن بكلام فضفاض ينطلق من أمخاخ لم تعرف خلاياها يوما الهواء، مع المخطط الموحّد إسرائيلياً - علوياً - إيرانياً - روسياً، في حين يتعامل مـُنفـذ ّو هذا “ المخطط “ مع العرب قاطبة كضحايا، ضحايا المستقبل، ضحايا فجيعة الكسل وفاجعة اللا إكتراث، وطامّة الكلام.. للكلام، لا لصمت الكلام.
.. فإذا كان المُتلقي يهمه “ الكيف “لا الـ” لماذا “، يُحوّل الكلام صمتا. هو صمتٌ ليس نقيض الكلام، بل صورته المُنعكسة على ماء خزان صمت ـ الكلام. لهذا يُقال: في فمي ماء.
يحدث ذلك حين دخول الهواء بين خلايا المخ. هواء يُؤخر انطلاق الكلام، أي يُراكمه، فيغدو فائضا، قد يفيض وقد لا يفيض. لا يحدث ذلك إطلاقا حين لا يُعشش الهواء بين خلايا المخ، أي حين يكون المخ حاجزا إسمنتيا، ذا صبـّة واحدة، جاهزا للكلام، من دون حاجة إلى الخزان، الذي في غيابه ينطلق الكلام من دون تأخير، من دون هوادة، من دون استراحة. وحين ينطلق هكذا لا يُمكنه إلا أن يتكرر ويُستعاد، في جمل “ فعلية “ قادرة على استيلاد نفسها من نفسها، من دون تراكم. حين لا يعبر الهواء بين خلايا المخ يُضحي النطق حتى بجملة “ اسمية “ مستحيلا.
الصمت، إذن، “ مادة كلامية “، ذات خصوصية مُضمرة. والمُضمر هو الصمت الذي يحكي، الذي يفعل. هذا النوع من الصمت، ليس صمت الفم، بل صمت العقل، الذي يُجمّد الكلام، ولا يُلغيه. هو من نوع صمتُ الموسيقى. صمت الموسيقى، كما يعرف المُتذوّقون، بأهمية صوتها نفسه، وربما أكثر.
هذا الصمتُ لا يُمكنه أن يكون مُؤشرا ولا مُؤثرا، إلا إن استطعنا أن نجعله يتكلم، ليفعل، بعد أن يستريح هنيهة في هواء المخ.
لذا، يُصبح الكلام المسكوت، ليس هو الصمت الدائم، بل الثمن الأعلى لعملية الكلام. وهذا الثمن الأعلى هو عدم الاجترار. فحين تعجز عن الاجترار، تعجز عن الكلام إلا بثمنه الأعلى. وهذا الثمن الأعلى، هو أن تفهمَ مُتأخرا. تفهم بعد وقت ما. ولكن تفهم. الوقت الذي تصرفه لتفهمَ مهمٌ جدا كوقت. هو وقت الصمت، المُمهّد للفعل. وهو وقت ميتافيزيقي، مهمته تحطيم طواطم الكلام على مهل، طوطما وراء طوطم وراء طوطم، وراء طوطم.
بسبب عدم وجود هواء في خلايا المخ، مُخيفون، فعلا، أولئك الذين لا يعقلون، فقط يفهمون وبسرعة، كلّ ذلك وذاك وهذا وهذه وتلك وتيك، مما يُخاط ويُخطّـط ُ له على السطح وفي الأعماق، بشكل جماعي مُوحـّد من قبل إسرائيل والنظام العلوي في دمشق ونظام ولاية الفقيه في طهران وروسيا بوتين.
أجل. أولئك يفهمون فقط أن ثمة نوعا من البلبلة العاصفة الطاحنة في المنطقة، لكنهم لا يعقلون، حتى الآن على الأقل، كيف يـُحافظون على مصير ثلاثمائة وعشرين مليون عربي؟.
البائس أن أولئك غير المكترثين، صحيح أنهم يتعاملون، بمرارة، ولكن بكلام فضفاض ينطلق من أمخاخ لم تعرف خلاياها يوما الهواء، مع المخطط الموحّد إسرائيلياً - علوياً - إيرانياً - روسياً، في حين يتعامل مـُنفـذ ّو هذا “ المخطط “ مع العرب قاطبة كضحايا، ضحايا المستقبل، ضحايا فجيعة الكسل وفاجعة اللا إكتراث، وطامّة الكلام.. للكلام، لا لصمت الكلام.
Zuhdi.alfateh@gmail.com