هل القضية هي شارع مظلم في شرورة يتجمّع فيه الشباب الذين غررت بهم الفئات الضالة؟! لا، إنه ليس كذلك بالطبع! إنها أزمة يجب أن تلتفت لها كل قطاعات الدولة وكل شرائح المجتمع. فالشوارع المظلمة تمتلئ بها مدننا، والفئات الضالة لا تزال تعمل بنشاط لافت للانتباه، وتهميش الشباب من قِبل المؤسسات التعليمية والتوظيفية والشبابية يزداد يوماً بعد يوم.
الأسرة اليوم لا تستمع للشاب المتفجر بالطاقة وبطرح الأسئلة. الأب مشغول بوظيفته الأساسية وبالوظائف الجزئية الأخرى التي ستمكنه من تلبية الاحتياجات الأسرية. الأم منهمكة في وظيفتها وفي متابعة شؤون البيت. المعلم في المدرسة لا يعرف عمن يجيب؛ فأمامه في كل فصل نحو 40 طالباً.
من سيجيب عن الشاب إذاً؟!
إنه يتخرج من الجامعة حاملاً أسئلته التي لم يجب عنها أحد. يبحث عن عمل فلا يقيّمه أحد. يسير في شوارع البطالة، يستفزه الجميع، ويستغبيه الجميع، ويقلل من قدره الجميع. وإذا حدث واستماله مَنْ يعي ظروفه وحطامه وهزائمه فإنه سوف يكون قابلاً للاستمالة، سواء حدث هذا في شارع مظلم، أو في موقع إلكتروني خفي، أو في شريط مهترئ. إن غياب الشباب عن تأدية الأدوار الفاعلة في المؤسسات ذات الطابع الخدمي والتوجيهي والتنشيطي سيجعلهم خارج خارطة الوجود. وإن لم نغير هذه الخارطة، ونضعهم على رأس مؤسسات الحراك الاجتماعي، فإننا سنخسر الكثير.