حين تشتد الأزمة وتضيق الدوائر تتلاشي النظريات لتشرئب القلوب والأعين إلى النموذج والمثال، وفي فرنسا التي ترصد تحولات خريطة التنافسية العالمية بعد ان تراجعت فيها حجم مشاركة القطاع الصناعي من 18% في عقد السبعينات إلى 13.5% اليوم، برز وزير الصناعة الشاب ارنود مونتيبرج ليكون هذا المثال الذي لم يقف موقف المتفرج من تراجع الصناعة في بلاده ليباشر بنفسه حملة ترويجية إعلامية كبرى، بدأ فيها بالظهور عارضاً لقمصان صنعت في فرنسا على غلاف احدى المجلات التي يقال ان مبيعاتها ارتفعت 75% بعد مبادرة الوزير. لم يكتف بذلك، بل دعا جميع الأسواق والمعارض الفرنسية إلى وضع رفوف خاصة للمنتجات الفرنسية وإبرازها تحت عبارة صنع في فرنسا أسوة بالرفوف التي توضع في الأسواق للمنتجات العضوية.
أتساءل اليوم وأنا أقرأ موقف الوزير الفرنسي من أزمة بلاده عن موقف المسؤولين والوزراء في بلادنا من الأزمات التي نمر بها.. كم من مسؤول ووزير لدينا قرر ان يكتفي بسائق وخادمة منزلية واحدة - فضلاً عن الاستغناء عنهما - ليكون نموذجا لممارسة مسؤولة للحد من الاستقدام... كم من مسؤول ووزير دفع بأبنائه إلى العمل في الميدان ليكونوا نماذج للشباب في العمل في المصانع والمتاجر والأعمال المهنية ولو حتى في الإجازات... كم من مسؤول ووزير قرر أن يسكن وحدة سكنية مناسبة لعدد أفراد أسرته عوضا عن المساحات والقصور الكبيرة ليعبر عن وعيه بأزمة سكن المواطن ومعضلته... كم من مسؤول ووزير أعلن ترشيده للإضاءة في مكتبه ومنزله ليكون مثالاً لمواطن ينتظر منه اليوم وعي حقيقي بأزمة إهدار الطاقة.. لست مجرد حالم في عالم تقود معجزاته الأحلام... لكنني راصد للتنمية ومدرك لأثر الإنسان في دفع عربتها وعياً وسلوكاً ومثالاً...
دمتم بود وإلى لقاء..
عبر تويتر: fahadalajlan@