«بهارات كبسة» هذه أكثر كلمة سوف تسمعها من موظف الجمارك الأمريكي وهو يفتش شنطة طالب سعودي مبتعث في كل المطارات الأمريكية، والمضحك أنه موظف الجمارك ينطقها باللغة العربية من كثر ما يسمعها كل يوم وهو يردد «بهارات كبسة»!
وكأن الشعب السعودي مدمن «أرز» ولا أعتقد بأن أي سعودي يستطيع أن يعيش أسبوعا كاملا بدون أن يأكل حبة أرز، كل ما أخشاه أن يأتي يوم وتتحكم فينا الدول التي نستورد منها، ويكون مقابل «كيس أرز» أن نعطيهم «برميل بترول»، الله لا يجيب هذا اليوم ونحن أكثر الشعوب ضعفاً أمام صحن الكبسة!
في «علم الرياضة» وصول نادي الأهلي إلى كوريا قبل أسبوع من النهائي الآسيوي أمر إيجابي في ظل اختلاف الأجواء والأكل والساعة البيولوجية وفارق الزمن الكبير بين البلدين وغيرها من الظروف التي لها الأثر على الحالة النفسية والبدنية للاعب، وبهذا الوعي من إدارة الأهلي يكون «سفير الوطن» مهيأ نفسياً وبدنياً لهذا الحدث الرياضي التاريخي.
ولكن كل ما أخشاه أن يكون لاعبو الأهلي لم يناسبهم نوعية الأكل في المطبخ الكوري الذي يختلف كل الاختلاف عن نكهة الأكل السعودي، وأسبوع كامل يقضيه الأهلاويون بدون «كبسة» هذا إنجاز غير مسبوق في ظل علاقة الحب التي تربط السعودي بحبة أرز!
ولأن «الرياضة» هي لغة المنافسة الشريفة وأرض خصبة لتبادل الثقافات, عزمت صديقي الكوري كيم بيونج الذي يدرس معي بجامعة أكرون، وكان الغذاء فقط «كبسة»، وصاحبنا ما صدق يشوف «أرز» شغال صور وأكل نظف الصحن تنظيفا، قبل وبعد الأكل لنفس الصحن صور تتصدر صفحته في «الفيس بوك» وكل أصدقائه شغالين تعليق، لا أفهم اللغة الكورية لكن شعرت أن الكوريين شعب لا يختلف عن السعوديين «مدمني أرز»!
وبدون أن أسأل صديقي الكوري كيم بيونج عن سر سعادته بنكهة «الكبسة» في أول مرة يذوقها في حياته، يقول السيد كيم بيونج: «أن للكبسة نكهة ومذاقا لا يختلف عن أكثر الأكلات الشعبية في كوريا وهي البولغوغي»!
قاطعت حديث صديقي الكوري وقلت له لا يهمني نفس النكهة أو لا، المهم هل تحتوي البولغوغي على الأرز؟!
وعلى ذمة الرواي الكوري كيم بيونج يقول: «إن الأرز أهم عنصر في هذه الوجبة ويطبخ بطريقتين بالغلي أو القلي».
دون أن أشعر وجدت نفسي في عالم من الخيال وأنا أتأمل صحن «الكبسة» سافرت كل أحلامي من أمريكا إلى كوريا ورأيت بين حبات «الأرز» فرحة ونشوه أهلاوية بتحقيق الكأس الآسيوي!
رحل صديقي الكوري كيم بيونج عن بيتي وأنا أشعر بحالة من التفاؤل بفوز الأهلي بهذا الكأس الآسيوي، ولد تفاؤلي من رحم «البولغوغي» الأكلة الكورية الشعبية التي بنفس مذاق «الكبسة « السعودية، يعني وباختصار أقول لكل لاعب أهلاوي تكفون «الكأس»، ولو سمعت أي لاعب أهلاوي يقول سبب خسارتنا هو ذهابنا مبكراً واختلاف الأكل لن أصمت فأنا سجلت صديقي الكوري بالفيديو ومعي الدليل، يعني بالعربي الفصحيح لا أوصيكم قبل المباراة لازم تأكلون «البولغوغي» علشان يتحقق حلمي وأنا أشاهدكم ترفعون الكأس كما شاهدتكم بين حبات أرز «الكبسة»!
«على الطاير» فواصل بنكهة البولغوغي:
** احترام المنافس في كرة القدم هو مفتاح الفوز، وعلى الأهلي احترام أولسان بكل اللغات حتى بلغتهم الكورية نقول لهم «انيونغ هاسيو» وهي تحية «السلام».
** الخرافات تشغل حيزا كبيرا من ثقافة الكوريين وعندما يشاهدون في الصباح «غراب» يسكنهم احباط وتشاؤم، ولا يغسلون رؤوسهم بالماء عندما يكون عندهم اختبار صعب، لا تعلم ربما في ظل هذا الإيمان بالخرافات يخسر أولسان, «اللهم أغث سماء أولسان بالأمطار وكثر الغربان» كل أهلاوي يقول «آمين.. آمين»!
** أصعب لحظات المباراة بدايتها ومهما حدث يجب أن يدرك لاعبو الأهلي أن المباراة 90 دقيقة، فلو سجل أولسان أول أهداف اللقاء أقول لكل أهلاوي الحكمة الكورية «لا تيأس إذا رجعت خطوة للوراء.. فلا تنس أن السهم... يحتاج أن ترجعه للوراء، لينطلق بقوة إلى الأمام».
** «الهانبوك» الزي التقليدي الكوري، لا أعلم هل لجنة الانضباط في كوريا صارمة مثل لجنتنا السعودية بشأن عدم الدخول لأرض الملعب بغير الزي السعودي، ولو كنت مكان رئيس نادي النصر الأمير فيصل بن تركي سوف أدخل لأرض ملعب المباراة بطريقتي الخاصة «أفسخ الثوب وبدون غترة وعقال» أمشي في نصف الملعب مثل «أبو سروال وفانلة»!
** على سيرة «أبو سروال وفانلة»، التقى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مع الفنان الكوري (بي إس واي) صاحب الأغنية الشهيرة gangnam Style التي دخلت موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية كأكثر الأغاني مشاهدة على موقع «يوتيوب»، نفس الأغنية وبنفس الرقصة «الركض على الحصان» شباب سعوديون يقلدونها فكتب الزميل بصحيفة «الجزيرة» ناصر الصرامي عن ذلك مقالاً بعنوان «أبوسروال وفنيلة مع الأمين العام للأمم المتحدة»... لذلك مجرد سؤال بسيط للجنة الانضباط بما أنها ترى أنه من العيب أن يعبر الملعب شخص يرتدي «الزي الوطني» فهل النظام يمنع دخول أبوسروال وفانيلة لأرض الملاعب السعودية بعد دخوله مبنى الأمم المتحدة؟!
** «أسفل المصباح المضاء هناك ظلام» تشير الحكمة الكورية بمعناها.. أن نكون متيقظين لما يحدث حولنا, فلا ندري ما سيحدث في الخفاء, هذا كل ما أخشاه أن يكون الاتحاد الآسيوي يخطط لشيء ما في الخفاء بعد استجابته لطلب الاتحاد الكوري بتغيير حكم المباراة، الله معنا وبمشيئة الله الفوز أهلاوي وأقول للاتحاد الآسيوي» كمن يريد إمساك نجمة من السماء» هذه حكمة كورية تقال إذا كان هناك أمر مستعصٍ ويصعب تحقيقه!
خارج النص:
لا أعتقد بأن هناك في السعودية فتاة مازالت «عانس» وهي تعرف تطبخ «كبسة»، لم يعد شبابنا يسأل عن دينها ولا جمالها ولا نسبها، المهم عنده تعرف «تطبخ»، ومعيار «العنوسة» في السعودية «المطاعم» بلغة الأرقام «كل مطعم جديد يفتح يعني 1000 فتاة عانسة»!
** هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل سبت وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك.
مبتعث دراسات عليا بالإدارة الرياضية- أمريكا
i.bakri@live.comمبتعث دراسات عليا بالإدارة الرياضية - أمريكا - تويتر @ibrahim_bakri