اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام بالحديث عن وفاة الطفلة المعنفة لمى، والتي تشير التقارير إلى أنه تم تعذيبها على يد والدها الداعية، وسبق أن كتبت مقالاً في هذه الصحيفة قبل أكثر من ستة أشهر عن هذه القضية، وذلك عطفاً على تقرير صحفي تحدث بالتفصيل عن حكاية تعذيبها على يد والدها، ولا أعتقد أن إنساناً بإمكانه قراءة تلك التفاصيل المرعبة، إلا إذا كان يملك قلباً أقسى من الحجر، ولك والحالة هذه أن تتخيل السيناريو الذي مر بتلك الزهرة البريئة على مدى أيام، فهل من حل لهذه المعضلة، خصوصاً وأننا قرأنا عن حالات مشابهة على مدى السنوات الماضية؟.

من المؤكد أن كثيراً من حالات العنف الأسري حصلت نتيجة لأخطاء جسيمة ارتكبتها بعض الجهات المسؤولة عن تحديد مصير الأطفال بعد حصول الطلاق، فحسب علمي أنه لا يوجد نظام يلزم المطلق الراغب في حضانة أطفاله بإثبات حسن سيرته وسلوكه، وقرأنا عن أحكام كثيرة تم الحكم فيها للوالد بحضانة أطفاله، وتكون نتيجة هذه الأحكام في الغالب وخيمة إلى حد كبير، ومع أن حكم الحضانة في قضية لمى كان لوالدتها، وهي التي سمحت لطليقها أن يأخذها لمدة طويلة خارج إطار الحكم القضائي، إلا أن هناك قضايا تعنيف كثيرة كان السبب الرئيس فيها منح الحضانة لوالد غير مؤهل بجميع المعايير، ولا يسمح المجال لسرد بعض من تلك القضايا التي تحدث عن بعضها الإعلام على نطاق واسع.

الغريب هو أن البعض اتهم وسائل الإعلام بالتحيز في قضية لمى، وذلك بحكم أن والدها يعمل كداعية!، وحاولوا حرف مسار هذه الحادثة المؤلمة لتكون جزءاً من صراع التيارات المستعر منذ سنين، ولا أدري كيف يسمح أيٌّ كان لنفسه أن يتجاوز حجم هذه الجريمة المروعة، ويدافع باستماتة عمن قام بها، فقط لأنه ينتمي إلى ذات التيار الذي ينتمي إليه، أو يمتهن ذات العمل الذي يقوم به، ولكن هذا حصل للأسف الشديد، فهل المطلوب من الإعلام أن يتستر على مثل هذه الجرائم إذا كان المتهم بفعلها ينسب نفسه إلى فئة المتدينين؟، وهل سيكون هذا في صالح الدعوة مثلاً؟.

إن الدور الاجتماعي للداعية كبير، وارتكاب مثل هذه الجريمة منه يعتبر إخلالاً بشرف الأمانة والمهنة، تماماً مثل أن يقوم رجل الأمن بعمل مخل بالأمن، أو رجل الجيش بالخيانة والتخابر مع العدو؛ إذ إن الجرم يكون أشنع، وبالتالي يجب أن تكون العقوبة مضاعفة، وهذا ما يحصل في كل دول العالم دون استثناء، ولا يجب أن يؤثر هذا بأي حال على سمعة الدعوة والدعاة، فهم يقومون بعمل جليل، ومثل بطل القصة هنا هو الشذوذ عن القاعدة، ويجب أن يستأصل هو وأمثاله، وقبل الختام، نعتقد أنه قد حان الوقت لسن قوانين واضحة وصريحة فيما يتعلق بالحضانة، وقضايا العنف الأسري، فقد بلغ السيل الزبى، إن لم يكن تعداه.

فاصلة: «من يمارس الفضيلة لاكتساب الشهرة فهو قريب من الرذيلة».. نابليون بونابرت.